على وقع الاتهامات المتبادلة بين قوى 14 و 8 اذار في شأن الازمة التي نشبت بين وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال اللبنانية شربل نحاس وفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي بخصوص معدات تابعة لشبكة خلوية ثالثة مقدمة كهبة صينية، جرى بعد ظهر امس، اتفاق بين الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي بأن تتسلم نقطة للجيش من فرع المعلومات الطابق الثاني في المبنى التابع لوزارة الاتصالات والذي يضم المعدات موضوع النزاع وذلك بموجب تكليف ومحضر رسميين. وقضى الاتفاق الذي نُفذ لاحقاً بأن تقوم نقطة الجيش بالمهمة نفسها التي كانت تنفذها عناصر فرع المعلومات وقوى الامن بناء على طلب من «اوجيرو» اي «منع سحب المعدات (كان ينوي الوزير نحاس تفكيكها) ومنع دخول اي كان الى حيث هي موجودة». ووضعت نقطة للجيش في الطابق المذكور اي الثاني، وبات المبنى المتواجد في محيط قصر العدل في بيروت محمياً عند مدخله من عناصر امن السفارات، فيما يتواجد عناصر فرع المعلومات في الطابقين السابع والثامن حيث مركز الرصد والتحكم المكلف فرع المعلومات اصلاً بحمايته. والاتفاق المذكور كان جرى التوصل الى مثله عشية المشكلة التي انفجرت، اذ تمكن وزير الداخلية زياد بارود من ايجاد مخرج يقضي بعدم سحب نحاس للمعدات من المبنى مقابل انسحاب قوى الامن لكن حصل ما حصل. وتبادلت امس، قوى 14 آذار و8 آذار الاتهامات. فاتهمت الاولى نحاس ب«خرق قرارات مجلس الوزراء والسعي الى ممارسة هذا الخرق باستخدام عملية الدخول الى المبنى»، واتهمت قوى 8 آذار الاخرين ب«خرق تعليمات الوزير بارود». وجرت التسوية نتيجة اتصالات بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع وزير الدفاع والداخلية بالتكليف الياس المر وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي. وكان سليمان اجرى، قبل التسوية، اتصالات شملت وزير العدل إبراهيم نجار والمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، لتكليف القضاء التحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة في الموضوع المتنازع عليه. وكان بارود أسف ليل أول من أمس، «لإقحام الرئيس سليمان في تعليقات صدرت عقب مؤتمره الصحافي (بارود)»، واعتبر «أن الرئيس لم يقصّر أبداً في دعمه للوزير وقام بأقصى ما يستطيع، وأن خطوته (بارود) «المنطلقة من الحرص على تطبيق القوانين، تنسجم تماماً مع مواقف الرئيس سليمان وحرصه على المؤسسات، وهو أكد حرصه على تنفيذ قرار وزير الداخلية والبلديات». قوى الأمن كضابطة عدلية ونقلت وكالة «أخبار اليوم» عن مصادر قضائية رفيعة أن «إذا كان وجود العناصر الأمنية يتعلق بالحفاظ على أدلّة، فإن المسألة لا تتعلق بوزارة الداخلية أو بوزارة الاتصالات، بل يتصرّف بها الأمن الداخلي كضابطة عدلية خاضعة للنيابة العامة التمييزية، وبالتالي من وظيفتها متابعة التحقيقات والحفاظ على الأدلة طبعاً تحت إشراف النيابة العامة التمييزية ولا يتصرّف جهاز قوى الأمن من تلقاء نفسه بل بناء على توجيهات النيابة العامة، لا على طلب من هذه الجهة أو تلك». ولفتت هذه المصادر الى أن «الأمور ليست واضحة حتى الآن، بل يجب أولاً أن ننتظر موقف المدعي العام التمييزي». وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أجرى أول من أمس، اتصالات مع الرئيس سليمان والوزير بارود والجهات الأمنية والقضائية والعسكرية المختصة، لمتابعة، ما وصفه مكتبه الإعلامي ب «قضية محاولة وزير الاتصالات شربل نحاس وضع يده على الشبكة الثالثة للاتصالات وإخراجها من عهدة الشرعية من دون أي مسوغ قانوني». وأكد الحريري أن «لا مانع لديه من قيام القضاء المختص بوضع يده على هذه القضية على قاعدة تحديد أسباب تجاوز وزير الاتصالات لقرارات مجلس الوزراء وتحديد الجهة التي يريد الوزير نحاس تسليمها شبكة الاتصالات الثالثة خارج إطار سيطرة الدولة اللبنانية ومعرفتها». وكشفت مصادر معنية بالأزمة القائمة بين نحاس واللواء ريفي عن أن الوزير بارود طلب من الأخير أن تبادر العناصر التابعة لفرع المعلومات الى إخلاء المبنى بناء لطلب تلقاه من نحاس». وقالت إن الرئيس سليمان تدخل وطلب من اللواء ريفي الوقوف على رأي بارود من دون أن يدخل معه في التفاصيل وتبين من خلال المراسلات بين المديرية العامة لقوى الأمن ووزارة الداخلية أن الوزير بارود يصر على إخلاء المبنى بناء لطلب نحاس. وأوضحت المصادر أن اللواء ريفي رد خطياً على طلب بارود وأن المراسلة وصلت الى الداخلية بعدما كان الوزير أعلن عن تحرير نفسه من أن يكون «أسيراً لهذا الموقع بما تحول إليه». وجاء في رد ريفي، بحسب المصادر، إن الوزير نحاس «ليس الجهة المخولة قانونياً طلب إخلاء المبنى لأن المبنى تابع ل «أوجيرو» ويمكن أن أتعرض للملاحقة في حال أي تقصير عن تأمين الحماية له لا سيما وأن مجلس الوزراء كان وضع المعدات الموجودة فيه بتصرف «أوجيرو» وبالتالي لا بد من قرار آخر لمجلس الوزراء مخالفاً للقرار الحالي». وأشارت المصادر الى أن «نحاس يعمل من أجل تفكيك معدات الشبكة الثالثة ونقلها الى مكان آخر مع أنها تابعة للشركة الخليوية الثالثة «ليبان تيليكوم» التي تملكها الدولة اللبنانية وبالتالي يريد إلغاء الشركة لمصلحة إحدى الشركات التي تتولى حالياً تشغيل الخليوي». وأكدت المصادر أنه لا يحق لنحاس وضع اليد على الشركة ونقل معداتها الى مكان آخر من دون علم مجلس الوزراء أو قرار صادر عنه، مشيرة الى أن نحاس بسعيه الى إلغاء الشركة الثالثة التي تملكها الدولة يخالف قانون الاتصالات الذي لم ير تنفيذه النور بسبب موقف الوزير المذكور منه. ونقل موقع «14 آذار» الإلكتروني الإخباري نقلاً عما وصفته «معلومات موثوقة» أن السبب الأساسي «لبلطجة الوزير نحاس يتعلق بشهوات مالية ومصلحية مشتركة بينه وبين أحد أقاربه الذي يعمل في الشركة الصينية التي تتنافس على إدارة الشركة الثالثة». مواقف واتهامات واستقطب الخلاف القائم مواقف متباينة، ورأى وزير البيئة محمد رحال أن «هناك انكشافاً سياسياً كبيراً، والكل يعرف أن هناك معركة بين الوزير نحاس و«أوجيرو»، وما أدّى الى استفحال هذه المشكلة الصراع السياسي الحاد في البلد والشلل الحكومي القائم»، وقال لمحطة «أو تي في»: «أن اللواء ريفي تحت القانون، وهناك قانون يُحاسِبُه إذا ما أخطأ، وإذا ارتكب أي عنصر من قوى الأمن خطأً ما فيُحاسب أيضاً، لكن هذا لا يعني أن يجري التعاطي مع قوى الأمن الداخلي بطريقة كيدية». وأضاف قائلاً: «مع احترامي لوزير الداخلية المُعتكف بارود، كان يستطيع أن يقوم بهذا التصرف عندما استباحوا المطار أو بنوا وحدات سكنية غير شرعية أو عندما نزلوا الى الشارع بالقمصان السود». واعتبر وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي أن «ما حصل بالأمس أبرز عنوان من عناوين انهيار الدولة اللبنانية ومؤسساتها والتأخير في تشكيل الحكومة يظلم المعنيين كما يظلم اللبنانيين». ولفت الى أنه «عندما تعالج الأمور بروح المسؤولية والمنطق والحكمة والشعور بمعاناة الناس، بعيداً من تحقيق مكاسب سياسية رخيصة على حساب الناس نصل إلى النتائج المرجوة». وحمل عضو كتلة «المستقبل» النيابية أحمد فتفت رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون «المسؤولية الكاملة عما وصلت إليه الأمور باعتباره الناطق الرسمي باسم «حزب الله» الذي لا يريد أن يشكل حكومة في لبنان، حتى أن النائب وليد جنبلاط نفسه، خرج عن صمته وأكد أن الذي يؤخر تأليف الحكومة هو حزب الله». وقال: «إذا أرادوا حلّ كل هذه الإشكالات، ما عليهم إلا تأليف حكومة، وعند ذلك يصبح هناك مجلس وزراء يستطيع أن يأخذ كل الإجراءات والكل يلتزم، ولكن أن يتمادى وزير ويعتدي على أملاك الدولة ليست من صلاحياته ومحاولة الجنرال حماية أحد وزرائه بهذا الشكل، هو اعتداء على الدولة اللبنانية واستمرار للانقلاب الذي قاموا به في كانون الثاني (يناير) الماضي ليس إلا». واعتبر فتفت أن من أسباب ما أقدم عليه نحاس «انه يحاول منذ زمن طويل أن يضع يده نهائياً على «أوجيرو» في شكل مخالف للقوانين، الى جانب أسباب شخصية ونفعية». ورأى أن الوزير بارود «الذي قرر الاعتكاف يعلم قبل غيره أن ما قام به الوزير نحاس غير قانوني وغير مقبول بتاتاً».