دخلت شبه الجزيرة الكورية أمس حقبة «الديبلوماسية الأولمبية»، بعد مصافحة حارة تاريخية بين الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن وشقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم يو جونغ، في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في مدينة بيونغتشانغ. لكن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، الذي كان على بعد خطوات من كيم والرئيس الفخري للدولة الستالينية كيم يونغ نام، تجنّب مخالطة مبعوثَي زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون الثالث، متبنّياً نهجاً متشدداً إزاء بيونغيانغ، فيما حذر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي سيول من «ديبلوماسية الابتسامات» (راجع ص 7). ويسعى مون الى اغتنام فرصة الأولمبياد لتخفيف توتر شديد شاب شبه الجزيرة الكورية العام الماضي، بعد تنفيذ بيونغيانغ تجربة نووية سادسة، وإطلاقها صواريخ باليستية عابرة للقارات، بعضها يطاول الولاياتالمتحدة، فيما تبادل كيم الثالث والرئيس الأميركي دونالد ترامب اتهامات وشتائم. ويثير مسعى مون حماسة قسم من مواطنيه، وتوجّس آخرين لا يرون في خطوة بيونغيانغ سوى حملة علاقات عامة لن تطول، لا سيّما بعد فشل «سياسة الشمس المشرقة» التي انتهجها الجنوب تجاه الشمال بين عامَي 1998 و2007، والتي أدت الى منح الرئيس الكوري الجنوبي السابق كيم داي جونغ جائزة نوبل للسلام عام 2000. وباتت كيم يو جونغ أول فرد في السلالة الحاكمة في كوريا الشمالية يزور الجنوب منذ انتهاء الحرب الكورية (1950-1953)، إذ أن جدها كيم إيل سونغ، مؤسس الدولة الستالينية، كان آخر شخص من تلك العائلة يصل الى سيول بعدما أسقطتها قواته عام 1950. كما أن كيم يونغ نام هو أبرز مسؤول كوري شمالي يعبر الحدود بين الشطرين، علماً أنه التقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيونغتشانغ أمس. ووقف مون وزوجته وشقيقة كيم الثالث وكيم يونغ نام بحماسة في منصة الشرف، عندما سار رياضيو الكوريتين معاً وراء علم الوحدة الأزرق والأبيض، للمرة الأولى منذ العام 2007، فيما بقي بنس جالساً، ولم يقف سوى لدى مرور الوفد الأميركي. وقال مون إن رياضيّي الكوريتين «سيعملون معاً من أجل النصر»، فيما شدد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ على «فرادة قوة» الرياضة لتوحيد الشعوب. ووصل بنس وزوجته الى المنصة بعد مصافحة مون وشقيقة كيم، وجلسا وراء الرئيس الكوري الجنوبي، الى جانب آبي وزوجته، فيما جلست شقيقة كيم الثالث والرئيس الفخري للدولة الستالينية في صفّ وراء نائب الرئيس الأميركي. وأعلن مكتب بنس أنه لم يتفاعل مع الكوريين الشماليين. وكان لافتاً تغيّب بنس عن عشاء جمع رئيسَي الكوريتين، بعد ساعات على إعلانه أن مون أبلغه «دعمه القوي لاستمرار حملتنا المتمثلة في ممارسة أقصى درجات الضغط، لمواصلة فرض عقوبات إضافية على كوريا الشمالية». وأضاف أن الولاياتالمتحدة «ستطالب في بداية أي حوار أو مفاوضات جديدة، بأن يضع نظام كيم إزالة الأسلحة النووية على الطاولة، ويتخذ خطوات ملموسة مع المجتمع الدولي لتفكيك برنامجَيه النووي والصاروخي، في شكل دائم ولا رجعة فيه»، وتابع: «بعد ذلك، سيدرس المجتمع الدولي التفاوض، ويجري تغييرات في نظام العقوبات» المفروض على بيونغيانغ. وحذر من حملة علاقات عامة ستشنّها كوريا الشمالية، مشدداً على «أهمية قول الحقيقة». واتهم الدولة الستالينية بسجن مواطنيها وتعذيبهم وإيذائهم. اما آبي، فحذر الرئيس الكوري الجنوبي من السقوط في فخّ «ديبلوماسية الابتسامات» الكورية الشمالية خلال الأولمبياد.