شهد حفل افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ اليوم (الجمعة)، مصافحة تاريخية بين الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن وشقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم يو جونغ، أول فرد في الأسرة الحاكمة يزور الجنوب منذ انتهاء الحرب الكورية العام 1953، في مشهد لم يكن قبل بضعة أسابيع وارداً. والتقت كيم الرئيس الكوري الجنوبي لدى وصوله إلى حفل الافتتاح وجرت بينهما مصافحة سريعة تبادلا فيها الابتسامات. وعلى رغم أن الفعل بديهي شكلاً إلا أن المضمون يحمل أبعاداً استثنائية نظراً إلى الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة. وكيم يو جونغ ضمن وفد كوري شمالي رفيع المستوى يشارك في الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ التي أرادها الرئيس الكوري الجنوبي «ألعاب السلام». وتوجت هذه الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام التقارب الذي سهلته الألعاب الأولمبية بين البلدين، بعد سنتين من التوتر الحاد بسبب برامج الشمال البالستية والنووية. وكان مؤسس كوريا الشمالية كيم إيل سونغ، جد كيم، آخر فرد من الأسرة الحاكمة الكورية الشمالية، يصل الى سيول بعدما سقطت بأيدي قواته عام 1950. والتقى الرئيس الكوري الجنوبي والرئيس الكوري الشمالي كيم يونغ نام الجمعة، وتصافحا خلال حفل استقبال للقادة قبيل حفل افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية في الجنوب. وبحسب البروتوكول يرأس الوفد الكوري الشمالي الرئيس الفخري للبلاد كيم يونغ نام، وهو أعلى مسؤول في النظام يزور أراضي الجنوب. وسار رياضيو الكوريتين سوياً وراء علم الوحدة الأزرق والأبيض في حفل الافتتاح. وعلى رغم ذلك يبقى التوازن هشاً. فقبل ساعة من انطلاق حفل افتتاح الألعاب تغيب نائب الرئيس الاميركي مايك بنس عن حفل عشاء يجمع الرئيسين الكوريين، بعدما أشارت تقارير الى تلقيه دعوة. وأظهرت مشاهد تلفزيونية للمخطط التوضيحي للمقاعد أن مقعد بنس يقابل مقعد الرئيس الكوري الشمالي في حفل الاستقبال، إلا أن الناطق باسم الرئاسة الكورية الجنوبية أوضح أن بنس وصل متأخراً «وتبادل التحية مع الجالسين على الطاولة الرئيسة وغادر من دون أن يجلس إلى الطاولة». إلا أن الأنظار تتجه الى شقيقة الزعيم الكوري الشمالي التي تتمتع بنفوذ متزايد في بلدها مكنها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي من الإنضمام الى المكتب السياسي للحزب الحاكم. وتحكم عائلة مؤسس كوريا الشمالية كيم إيل سونغ البلاد بيد من حديد منذ حوالى 70 عاماً. ويعتقد محللون أن كيم ستنقل رسالة من الزعيم الكوري الشمالي إلى الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن. وارتفع منسوب التوتر في المنطقة العام الماضي بعد إجراء كوريا الشمالية تجربة نووية سادسة، هي الأكبر في تاريخها، وإطلاقها صواريخ باليستية عابرة للقارات، بعضها قادر على الوصول إلى البر الأميركي. وتبادل الزعيم الكوري الشمالي والرئيس الأميركي دونالد ترامب الشتائم الشخصية والتهديدات، ما أجج المخاوف من تجدد النزاع في شبه الجزيرة الكورية. إلا أن كيم أعلن، وبشكل مفاجئ في خطاب رأس السنة، أنه سيرسل رياضيين ووفداً رفيع المستوى إلى الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ ما ساهم في تحريك المحادثات المجمدة. ورأى محللون في ذلك محاولة لنزع فتيل التوتر. إلا أن أصواتاً معارضة علت في الجنوب حيث إتهم البعض سيول بتقديم الكثير من التنازلات إلى الشمال، الذي نظم الخميس عرضاً عسكرياً في بيونغيانغ يستعرض قوته العسكرية. واتهم ناشطون محافظون بيونغيانغ ب «اختطاف» الألعاب الأولمبية الشتوية، ونظموا تظاهرات احتجاجية حرقوا خلالها صور الزعيم الكوري الشمالي وعلم الشمال بالقرب من أماكن تواجد أعضاء الوفد الكوري الشمالي. وفي وقت لاحق، طلب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش من جميع أطراف النزاع في شبه الجزيرة الكورية إعطاء الاولوية ل«الحوار»، وذلك خلال لقاء سريع عقده في كوريا الجنوبية مع رئيس الدولة في كوريا الشمالية كيم يونغ نام. وقال الناطق المساعد باسم الأممالمتحدة فرحان عزيز حق في مؤتمره الصحافي اليومي ان غوتيريش «أجرى حديثاً مقتضباً» مع كيم. واضاف الناطق أن غوتيريش «كرر امامه الاعراب عن الامل بان تلجأ كل الاطراف الى الحوار للتوصل الى نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية».