قام وزير الدفاع الاميركي تشاك هاغل بزيارة مفاجئة الى افغانستان امس، غداة الإفراج عن السرجنت الاميركي بو برغدال الذي احتجزته حركة «طالبان» خمس سنوات، في مقابل اطلاق خمسة «طالبانيين» من معتقل غوانتانامو. وأعرب وزير الدفاع الاميركي عن امله بأن يقود الإفراج عن السرجنت برغدال الى محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة و «طالبان». وقال في مقابلة مع شبكة «ان بي سي» ان الولايات المتحدة أجرت محادثات مع «طالبان» سابقاً، إلا ان تلك المحادثات توقفت في 2012، وأضاف: «ربما تكون هذه فرصة جديدة يمكن ان تؤدي الى اتفاق». ووصف زعيم «طالبان» الملا محمد عمر الإفراج عن عناصر الحركة «نصراً كبيراً». وقال في بيان: «أقدم التهاني القلبية إلى الشعب الأفغاني المسلم بكامله، وجميع المجاهدين وعائلات وأقارب السجناء على هذا النصر العظيم بالإفراج عن خمسة من قادة طالبان من معتقل غوانتانامو». ووصل هاغل امس، الى قاعدة بغرام الجوية، وهي مجمع عسكري عملاق تحت سيطرة اميركية شمال كابول، في الزيارة المفاجئة الثانية لمسؤول اميركي، اذ زار الرئيس باراك اوباما افغانستان الأحد الماضي، ولم يلتق الرئيس الافغاني حميد كارزاي. وأسرت «طالبان» السرجنت برغدال في الثلاثين من حزيران (يونيو) 2009 بعد اختفائه من قاعدة في ولاية بكتيكا (جنوب شرق). والإفراج عن الجندي الاميركي مقابل اطلاق سراح خمسة عناصر من «طالبان»، اعلن عنه الرئيس الاميركي السبت. والجندي الذي نقل الى قاعدة بغرام، في «حال جيدة وقادر على السير بمفرده» وسيتم نقله جواً الى مستشفى عسكري اميركي في لاندستول في المانيا، كما اعلن مسؤولون اميركيون. وأحيت عملية تبادل الاسرى بين الاميركيين و «طالبان»، آمالاً في انطلاقة جديدة لعملية السلام في هذا البلد الذي يشهد حروباً منذ اكثر من 12 سنة. وقال اسماعيل قاسم يار المسؤول البارز في المجلس الاعلى للسلام، (الهيئة الحكومية التي شكلها كارزاي لإقناع طالبان بفتح مفاوضات سلام) ان التبادل يدل على ان «كل الاطراف تبدي ارادة طيبة لتوفير اجواء من الثقة وإطلاق محادثات سلام في مستقبل قريب». وأضاف: «اننا متفائلون جداً بأن يساهم الإفراج عن هؤلاء المسؤولين البارزين في طالبان، في مساعدة عملية السلام» مؤكداً ان السلطات الافغانية «ساهمت منذ وقت طويل في هذا الملف». وكان الإفراج عن القياديين الخمسة في النظام الإسلامي للحركة (1996 و2001) والذين ما زالوا يتمتعون بنفوذ فيها، من الشروط الاساسية التي طرحتها «طالبان» على الاميركيين منذ زمن لفتح مفاوضات سلام حقيقية في افغانستان ووضع حد لهذا النزاع المتواصل. وانقطعت الاتصالات مراراً خلال السنوات الاخيرة بين الجانبين بسبب رفض واشنطن الإفراج عن هؤلاء المعتقلين ما يدل، وفق المتمردين الافغان على ان الاميركيين «غير جادين» في ارادتهم في التفاوض. واستمرت اتصالات سرية خلال هذا العام، وأتاحت في النهاية التوصل الى هذا التبادل كما افاد مصدر «طالباني»، مبدياً في الوقت ذاته، تحفظه عن احتمال انعكاس هذه القضية بشكل ايجابي على مفاوضات السلام. وقال: «انها فقط عملية تبادل اسرى حرب، ولا تحمل معنى سياسياً». وأوضح المصدر ال «طالباني» ان «كون الولايات المتحدة أفرجت عن خمسة من ابرز المعتقلين الذين تطالب بهم طالبان، يدل على انه يمكن اجراء مفاوضات». واستدرك قائلاً: «لكن من جهة اخرى اعلن اوباما أخيراً ان قوات اميركية قد تبقى منتشرة في البلاد حتى نهاية 2016، فهل ستستمر الحرب؟ وهل سيستمر الوضع الراهن لبعض الوقت؟». ووعد اوباما الثلثاء بإبقاء 9800 جندي في افغانستان (مقابل 32 ألفاً حالياً) بعد انسحاب قوات الحلف الاطلسي المقرر نهاية 2014، على ان ينسحبوا بالكامل نهاية 2016، شرط ان يوقّع الرئيس الافغاني الجديد الاتفاق الامني الثنائي مع واشنطن. ونقل عناصر «طالبان» الخمسة المفرج عنهم الى قطر التي كانت الوسيط الاساسي في المفاوضات والتي تساهم منذ سنوات في جهود المصالحة بين المتمردين الاسلاميين وحكومة كابول.