اثار الافراج عن السرجنت الاميركي بوي بيرغدال، السجين الاميركي الوحيد في افغانستان، مقابل خمسة من معتقلي طالبان، الاحد، الآمال في انطلاقة جديدة لعملية السلام في هذا البلد الذي يشهد حروبا منذ اكثر من 12 سنة. وقد اعتقل مقاتلو طالبان السرجنت بيرغدال في الثلاثين من يونيو 2009 اثر اختفائه من قاعدته العسكرية في ولاية بكتيكا (جنوب شرق) واعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما الافراج عنه السبت مقابل الافراج عن خمسة من طالبان كانوا معتقلين في قاعدة غوانتانامو الاميركية في كوبا. وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال اسماعيل قاسم يار المسؤول الكبير في المجلس الاعلى للسلام، الهيئة الحكومية التي شكلها الرئيس حميد كرزاي لاقناع طالبان بفتح مفاوضات سلام، "ان ذلك يدل على ان كافة الاطراف يبدون ارادة طيبة لتوفير اجواء من الثقة واطلاق محادثات سلام في مستقبل قريب". واضاف: "اننا متفائلون جدا بأن يساهم الافراج عن هؤلاء المسؤولين الكبار من طالبان في مساعدة عملية السلام" مؤكدا ان السلطات الافغانية "ساهمت منذ وقت طويل في هذا الملف". ضمانات قطرية وأعلن الرئيس الاميركي السبت ان الحكومة القطرية اعطت الولايات المتحدة ضمانات أمنية بشأن خمسة معتقلين افغان في معتقل غوانتانامو نقلوا الى قطر مقابل افراج حركة طالبان عن جندي اميركي معتقل منذ نحو 5 سنوات في افغانستان. وقال اوباما في خطاب ألقاه في حديقة الورود في البيت الابيض وقد أحاط به والدا السرجنت المفرج عنه ان "الحكومة القطرية اعطتنا ضمانات بانها ستتخذ اجراءات لحماية امننا القومي". ولم يوضح أوباما طبيعة الضمانات الامنية التي قدمتها الدوحةلواشنطن. الخمسة الكبار وكانت حركة طالبان اعلنت في بيان اسماء المعتقلين الافغان المفرج عنهم. وفي بيانها وصفت طالبان المفرج عنهم ب"القادة الخمسة الكبار بالإمارة الإسلامية"، الاسم الذي تطلقه الحركة على النظام الذي أرسته في افغانستان بين 1996 و2001. وأكد مصدر في حركة طالبان في مدينة كويتا الباكستانية ان المفرج عنهم الخمسة هم من كبار المسؤولين في الحركة وكانوا يتمتعون بنفوذ كبير في "امارة افغانستان الاسلامية" التي اطاح بحكمها غزو عسكري قادته الولايات المتحدة في نهاية 2001 اثر اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر من ذاك العام. والخمسة المفرج عنهم هم: -الملا خيرالله خير خواه: وزير الداخلية في نظام طالبان ويعتبر معتدلا نسبيا. أحد ابرز مسؤولي طالبان منذ تأسسها في 1994، ومن هنا يعتبر واحدا من الاكثر احتراما والاكثر نفوذا في الحركة، بحسب "شبكة محللي افغانستان" ومقرها كابول. اعتقلته في 2002 السلطات الباكستانية وسلمته الى الولايات المتحدة، بحسب المصدر نفسه. - الملا محمد فاضل آخوند: وزير الدفاع في نظام طالبان وأحد اهم قياداتها العسكرية وقد اشتهر خصوصا بانجازاته في ميادين القتال قبل اعتقاله. - الملا نورالله نوري: كان مسؤولا عن ولاية بلخ (شمال) في نظام طالبان. على غرار الملا محمد فاضل آخوند اعتقل في نوفمبر 2001، بحسب "شبكة محللي افغانستان". - الملا عبدالحق وثيق: نائب مدير الاستخبارات في نظام طالبان. هو ايضا احد مؤسسي الحركة وقد اعتقل في نهاية 2001، بحسب "شبكة محللي افغانستان". - الملا محمد نبي: الاقل شهرة بين الخمسة المفرج عنهم وشخصية ليست من الصف الاول في حركة التمرد، بحسب "شبكة محللي افغانستان". وتعتبر الشبكة ان إدراج طالبان لاسم نبي على هذه اللائحة قد يكون سببه علاقاته المحتملة بشبكة حقاني، وهي فرع من حركة طالبان يعتقد انها هي التي اعتقلت السرجنت الاميركي واحتجزته طيلة هذه السنوات. جدية المفاوضات وكان الافراج عن هؤلاء القياديين الخمسة في النظام الاسلامي (1996 و2001) والذين ما زالوا يتمتعون بنفوذ في حركة طالبان، من الشروط الاساسية التي تطرحها طالبان على الاميركيين منذ زمن لفتح مفاوضات سلام حقيقية في افغانستان ووضع حد لهذا النزاع المتواصل. وقد انقطعت الاتصالات مرارا خلال السنوات الاخيرة بين الجانبين بسبب رفض واشنطن الافراج عن هؤلاء المعتقلين ما يدل، حسب المتمردين الافغان على ان الاميركيين "غير جادين" في ارادتهم في التفاوض. واستمرت اتصالات سرية خلال هذه السنة حتى اتاحت بالنهاية التوصل الى هذا التبادل وفق ما افاد مصدر طالباني لفرانس برس، لكنه ابدى تحفظا بشان احتمال انعكاس هذه القضية بشكل ايجابي على مفاوضات السلام.وقال "انها فقط عملية تبادل اسرى حرب، ولا تحمل معنى سياسيا". واوضح المصدر الطالباني الاول ان "كون الولايات المتحدة افرجت عن خمسة من ابرز المعتقلين الذين تطالب بهم طالبان، يدل على انه يمكن اجراء مفاوضات". واضاف "لكن من جهة اخرى اعلن اوباما مؤخرا ان قوات اميركية قد تبقى منتشرة في البلاد حتى نهاية 2016، فهل ستستمر الحرب؟ وهل سيستمر الوضع الراهن لبعض الوقت؟". ووعد باراك اوباما الثلاثاء بإبقاء 9800 جندي في افغانستان (مقابل 32 الفا حاليا) بعد انسحاب قوات الحلف الاطلسي المقرر نهاية 2014، على ان ينسحبوا بالكامل نهاية 2016، شرط ان يوقع الرئيس الافغاني الجديد الاتفاقية الامنية الثنائية مع واشنطن. ولطالما أقر مسؤولون أمريكيون تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم بعجزهم عن فهم السياسات الداخلية لطالبان. لكن ربما أدركت القيادة المنعزلة لطالبان أن تلك آخر وأفضل فرصة تتاح لهم لاستعادة سجنائهم. وكانت السياسات الرئاسية من بين العوامل الأخرى التي أدت إلى عملية التبادل. إذ تعهد المرشحان في جولة الاعادة في الانتخابات الرئاسية الأفغانية عبدالله عبدالله وأشرف عبدالغني بتوقيع اتفاق أمني ثنائي يسمح لقوة أمريكية صغيرة بالبقاء بعد انتهاء العمليات القتالية لقوات حلف شمال الأطلسي في البلاد في ديسمبر. إعادة تكيف ونقل عناصر طالبان الخمسة المفرج عنهم الى قطر التي كانت الفاعل الاساسي في المفاوضات والتي تساهم منذ سنوات في جهود المصالحة بين المتمردين الاسلاميين وحكومة كابول. من جانبه افرج عن السرجنت بوي بيرغدال السبت في شرق افغانستان وسلم الى "بضعة عشرات" من جنود القوات الخاصة الاميركية بحضور عشرين عنصرا من طالبان، وفق مسؤولين اميركيين. وسرعان ما نقل الى قاعدة باغرام العسكرية الاميركية العملاقة شمال كابول حيث قال المصدر انه "على ما يرام وقادر على المشي دون مساعدة". وسينقل العسكري جوا الى مستشفى عسكري اميركي في لاندستول بالمانيا، وفق ما افاد مسؤولون اميركيون حيث "سيبدأ عملية اعادة تكيف وسيستفيد من وقت ليروي حكايته ويرتاح من الضغط ويبدا من جديد الاتصال مع عائلته". واعرب والداه عن "سعادتهما وارتياحهما" في تصريح في البيت الابيض الى جانب الرئيس اوباما. وقالت امه جاني بيرغدال "سنبقى اقوياء من اجل بوي ريثما يتعافى" بينما ادلى ابوه بوب بكلمات بلغة الباشتون التي يتكلم بها مقاتلو طالبان. وقال "انا ابوك" مؤكدا ان ابنه قد يجد صعوبات في التحدث بالانكليزية بعد ان قضى نحو خمس سنوات في السجن. زيارة غير معلنة وامس وصل وزير الدفاع الامريكي تشاك هاجل إلى أفغانستان في زيارة غير معلنة بحسب ما ذكرته تقارير وذلك بعد ساعات من الإفراج عن الجندي الأمريكي.n ولم يؤكد المسؤولون الافغان أو السفارة الامريكية في كابول زيارة هاجل، التي يتردد أنه يستغلها لإجراء مباحثات مع القادة الامريكيين بشأن التقدم الذي أحرزته القوات الامنية الافغانية التي سوف تتولى المسؤولية الامنية.ويشار إلى أن هذه ثالث زيارة يقوم بها هاجل لأفغانستان منذ أن تولى منصبه.