من صافرة الحكم المجري فيكتور كاساي ستنطلق مسرحية كروية ملتهبة السبت على ملعب "ويمبلي" في لندن، ينتظرها الملايين من عشاق اللعبة في العالم، بين برشلونة الإسباني ومانشستر يونايتد الإنكليزي، في نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. مواجهة ستجمع بين فريقين سطع نجمهما محلياً وقارياً هذا الموسم، إذ نجح برشلونة بالتفوق في الدوري الإسباني على غريمه التقليدي ريال مدريد محرزاً لقب ال"ليغا" للموسم الثالث توالياً، في حين أحرز يونايتد لقب ال"برميير ليغ" للمرة ال19 في تاريخه لينفرد بالرقم قياسي الذي كان يتقاسمه مع ليفربول. وقدّم برشلونة رحلته إلى لندن إلى مساء الثلثاء بدلاً من الخميس، بسبب سحابة الرماد المنبعثة من بركان غريمسفوتن الإيسلندي. وقد يملك يونايتد أفضلية نسبية كونه يخوض المباراة في بلاده، علماً أنه في المباريات النهائية الخمس التي أجريت على ملعب ويمبلي القديم، فازت الأندية الإنكليزية مرتين، مع يونايتد عام 1968 وليفربول عام 1978 على حساب بروج البلجيكي 1-صفر. وستكون الأنظار شاخصة نحو "العبقري" الأرجنتيني ليونيل ميسي أفضل لاعب في العالم عامي 2009 و2010، وصاحب الهدف الثاني لبرشلونة منذ عامين في روما، الذي يعتبر من أنقى المواهب التي أنجبتها ملاعب كرة القدم في التاريخ، وهو يتصدر ترتيب هدافي المسابقة حالياً ب11 هدفاً، وفي حاجة لهدف واحد كي يعادل رقم الهولندي رود فان نيستلروي (12 هدفاً). واعتبر ميسي (23 سنة) أن نهائي السبت سيكون مختلفاً عن نهائي 2009 وأن المباراة ستكون أكثر تقارباً في الأداء مما كان عليه الوضع في مواجهة الملعب الأولمبي في روما، مضيفاً "الذكريات الجميلة التي إختبرناها في روما اصبحت من التاريخ الآن ونهائي ويمبلي سيكون مختلفاً تماماً". وسيكون ميسي أمام مهمة تخطي حائط مانشستر الدفاعي المكون من الصربي نيمانيا فيديتش وريو فرديناند، لكن الأرجنتيني يملك العدة اللازمة للتفوق على أعتى المدافعين في العالم. لكن السير الأسكتلندي أليكس فيرغوسون أكد أن فريقه يملك الحل الذي يخوله التعامل مع ميسي وذلك بعدما عانى مانشستر الامرين للتعامل معه خلال مواجهة روما. وشدد فيرغوسون على أن فريقه لن يسمح لنفسه بحصر إهتمامه بالدفاع على ميسي وإهمال نجوم النادي الكاتالوني الآخرين، مضيفاً "لعبنا ضد برشلونة في ثلاث مناسبات بوجود ميسي. هناك دائماً حل لكل لاعب جيد. نأمل أن نجد حلاً السبت. لكنهم يملكون لاعبين جيدين آخرين، والأمر ذاته ينطبق علينا، ولهذا السبب ستكون المباراة مثيرة جداً. أنا متأكد من أن برشلونة يعي هذا الأمر أيضاً". وسيتولى المدافع الدولي جيرار بيكيه (24 سنة) حماية المنطقة الخلفية لبرشلونة بعد أن لعب في صفوف مانشستر يونايتد عندما كان في السابعة عشرة من عمره، لكنه نجح منذ عودته إلى برشلونة عام 2008 في فرض نفسه من الركائز الأساسية للنادي الكاتالوني والمنتخب الإسباني الذي توّج الصيف الماضي بلقبه المونديالي الأول. ويبرز في خط الدفاع الكاتالوني أيضاً البرازيلي داني الفيش و"الأسد" كارليس بويول والحارس فيكتور فالديس، علماً أن الأخيرين كانا أساسيين في نهائي 2006 أمام آرسنال. من جهة يونايتد، سيكون الاعتماد هجومياً على الدولي واين روني والمكسيكي الواعد خافيير هرنانديز "تشيتشاريتو" الذي كانت بصماته واضحة في ختام الدوري الإنكليزي. وتحدث الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو الذي يعرف مانشستر جيداً كونه لعب في الدوري الإنكليزي مع ليفربول، عن خطر ثنائي الهجوم روني- تشيتشاريتو في مانشستر، قائلاً: "يمنحهم تشيشاريتو العمق الهجومي وروني الإستحواذ على الكرة". وسيسدل الحارس الهولندي العملاق (40 سنة) الستار على مسيرة كروية بدأت قبل 20 عاماً، وهو يمنّي النفس ب"إحساس رائع أخير" من خلال رفع الكأس الأوروبية المرموقة للمرة الثالثة في مشواره والثانية مع "الشياطين الحمر" بعد 2008 عندما تغلّب الأخير على مواطنه تشلسي بفضل فان در سار الذي صدّ الركلة الترجيحية الحاسمة. وسيخوض فان در سار النهائي الخامس له في المسابقة الأوروبية الأم بعد أن توّج باللقب عام 1995 مع أياكس أمستردام على حساب ميلان ثم خسر في الموسم التالي أمام يوفنتوس الايطالي قبل ان يبلغ نهائي 2008 و2009 وهذه المرة مع مانشستر يونايتد فتوج بلقبه الثاني على حساب تشلسي قبل أن يخسر أمام برشلونة بالذات. وتمحورت تصريحات لاعبي الفريقين حول قدرة برشلونة على ممارسة هوايته المعهودة بتمرير الكرة بإستمرار والاستحواذ عليها بين لاعبي وسطه شافي وأندريس اينييستا، والطريقة التي سيواجهه فيها يونايتد. وقال دافيد فيا مهاجم برشلونة "انهم فريق يحب الإستحواذ على الكرة ولن يسعى لتدمير طريقة لعبنا بل لفرض أسلوب لعبه. الفريق الذي سينجح في الإستحواذ على الكرة خلال النهائي سيكون الأقرب للفوز باللقب". فيما تطرق زميله سيرجيو بوسكيتس إلى اسلوب أداء الطرفين، قائلاً: "نحن فريقان نتمتع بأسلوب لعب محدد. نحب الإستحواذ على الكرة والفريقان سيسعان للحصول عليها وعندما نخسر الكرة نعمل بجهد كبير جداً لاستعادتها". ورأى أن فيرغوسون "يملك فريقاً مهاجماً لكنه قد يلجأ إلى تشكيلة أكثر دفاعية". عودة إلى ويمبلي ويعود برشلونة إلى الملعب الذي توّج فيه بلقبه الأول في المسابقة الأوروبية العريقة الأم عام 1992 (على حساب سمبدوريا الإيطالي) لكن بحلته الجديدة، والأمر ذاته ينطبق على مانشستر الذي أحرز لقبه الأول في المسابقة على هذا الملعب أيضاً عام 1968 (على حساب بنفيكا البرتغالي). ويخوض مانشستر النهائي للمرة الخامسة في تاريخه بعد أعوام 1968 عندما فاز على بنفيكا 4-1 بعد التمديد، و1999 على بايرن ميونيخ الألماني 2-1، و2008 على مواطنه تشلسي 6-5 بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1، و2009 عندما خسر أمام منافسه المقبل برشلونة صفر-2. أما برشلونة فيخوض النهائي للمرة السابعة في تاريخه بعد 1961 عندما خسر أمام بنفيكا 2-3، و1986 حين خسر أمام شتيوا بوخارست الروماني بركلات الترجيح صفر-2 بعد تعادلهما صفر-صفر في الوقتين الأصلي والإضافي، و1992 عندما فاز على سمبدوريا الإيطالي 1-صفر بعد التمديد، و1994 عندما خسر أمام ميلان الإيطالي صفر-4، و2006 عندما توّج باللقب على حساب آرسنال 2-1، و2009 عندما فاز على يونايتد 2-صفر. ومباراة السبت هي النهائي الثالث بين الطرفين على الصعيد الأوروبي بعدما تواجها في نهائي كأس الكؤوس عام 1991، وخرج مانشستر فائزاً 2-1 بفضل هدفين من الويلزي مارك هيوز الذي منح فيرغوسون لقبه القاري الأول مع "الشياطين الحمر". وفي النهائي الثاني عام 2009 حسم برشلونة لقب دوري الأبطال على الملعب الأولمبي في روما لمصلحته 2-صفر، بفضل هدفين من الكاميروني صامويل ايتو (انتر ميلان الإيطالي حالياً) ورأسية الأرجنتيني ليونيل ميسي. وتواجه الفريقان أيضاً في دور المجموعات من دوري الأبطال عامي 1994 و1998 فتعادلا 2-2 وفاز برشلونة 4-صفر في الأولى، ثم تعادلا ذهاباً وإياباً في الثانية وبنتيجة واحدة 3-3، ثم إلتقيا في نصف نهائي موسم 2007-2008 فتعادلا سلباً في "كامب نو" وفاز مانشستر إياباً 1-صفر في طريقه إلى اللقب على حساب مواطنه تشلسي (بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1). وعموماً، هذا اللقاء ال11 بين الفريقين، ففاز كل منهما ثلاث مرات وتعادلا 4 مرات، علماً أن أياً منهما لم يفز على خصمه مرتين على التوالي. وبحال فوزه في مباراة السبت، سيدخل برشلونة بين نخبة الأندية التي سيطرت على البطولة القارية في فترات معينة، على غرار ريال مدريد في خمسينات القرن الماضي، وأياكس أمستردام الهولندي وبايرن ميوينخ الألماني في السبعينات، وميلان الإيطالي في نهاية الثمانينات، كونه أحرز البطولة مرتين في الاعوام الستة الأخيرة. وعلى رغم الفارق الكبير في خبرة مدربي الفريقين، الا أن فيرغوسون (69 سنة) هو أنجح مدرب في تاريخ الكرة الإنكليزية، في حين قدم جوسيب غوادريولا (40 سنة) نجاحاً منقطع النظير مع برشلونة في المواسم الثلاثة الماضية. ويأمل فيرغوسون أن يصبح ثاني مدرب يتوّج باللقب في ثلاث مناسبات بعد الراحل بوب بايسلي الذي قاد ليفربول إلى هذا الإنجاز سابقاً أعوام 1977 و1978 و1981، علماً أن الأسكتلندي هو ثاني أكبر مدرب يتوج بلقب هذه المسابقة بعد البلجيكي ريمون غوتالس الذي قاد مرسيليا الفرنسي للقب على حساب ميلان الإيطالي عام 1993 وهو يبلغ 71 سنة و232 يوما. أما غوارديولا، فرفع الكأس للمرة الثانية في مسيرته عام 2009 بعد أن توّج لاعباً بلقب هذه المسابقة عام 1992، ليصبح سادس من يفوز باللقب كلاعب وكمدرب، كما أصبح ثالث لاعب يحقق هذا الإنجاز مع الفريق ذاته بعد الإسباني ميغيل مونوز (فاز كلاعب مع ريال مدريد عامي 1956 و1957 وكمدرب 1960 و1966)، والإيطالي كارلو انشيلوتي (فاز مع ميلان كلاعب عامي 1989 و1990 وكمدرب عامي 2003 و2007). وأصبح غوارديولا عام 2009 عندما كان عمره 38 سنة و129 يوماً، اصغر مدرب يحرز لقب المسابقة منذ 49 عاماً، وثالث أصغر مدرب في تاريخها، اذ سبقه ميغيل مونوز الذي كان عمره 38 سنة و121 يوماً عندما قاد ريال مدريد للفوز بنسخة عام 1960، في حين أن اصغر مدرب فاز باللقب على الإطلاق كان خوسيه فيالونغا بعمر 36 سنة و185 يوماً عندما فاز ريال مدريد بنسخة 1956.