نجحت الإمارات العام الماضي في استقطاب استثمارات أجنبية قدّرت بأكثر من 74 بليون دولار، بعد تحسّن معظم القطاعات الاقتصادية، في وقت لا تزال فيه دول كبرى تعاني تداعيات الأزمة المالية العالمية. وشجع هذا التحسّن القيادة السياسية والقيادات الاقتصادية، على إعادة فتح ملف تعديل القوانين وإصدار أخرى جديدة، تستقطب مزيداً من المؤسسات العالمية، خصوصاً تلك التي لا تزال تعاني من تداعيات الأزمة في بلدها الأم. وأشارت مصادر إلى أن القيادة السياسية في الإمارات تعمل الآن على تعديل قانون الشركات ليتيح للأجانب التملك الكامل أو شبه الكامل لمشاريعهم، وإلغاء قانون الوكالات التجارية وتحديث القوانين الخاصة بالإفلاس والتعثر، متوقعة صدور القوانين الجديدة قبل نهاية السنة. وعلى رغم وجود عشرات المناطق الحرة التي تتيح للأجنبي التملك الكامل لمشروعه، والتي استقطبت مئات الشركات الأجنبية، يفرض القانون القائم على الوافد الذي يؤسس مشروع خارج إطارها أن يتخذ شريكاً من الإمارات بحصة لا تقل عن 51 في المئة. وأكد رجل الإعمال الإماراتي سعيد العابدي، أن تعديل القوانين «سيساهم في جذب مزيد من الأموال إلى الدولة، خصوصاً بعد استكمال بناء البنية التحتية التي تضاهي تلك الموجودة في كبرى دول العالم، إضافة إلى أنها تتوافق مع النظم العالمية». ويطرح البعض أسئلة تتعلق بمدى تأثير التعديل في المناطق الحرة على الدولة التي لعبت دوراً كبيراً في استقطاب الاستثمارات، وتأثيره في آلاف الإماراتيين الذين استفادوا على مدى عقود من الوضع القائم وأفرز بعض الشراكات «الصورية» التي تعتمد على دخل ثابت من دون أن يقوم الشريك المحلي بجهد أو يشارك في رأس المال. وسيحرم تعديل القانون عدداً من الإماراتيين المستفيدين من التراخيص، فصدور قانون مشابه من دون ضوابط، يفتح الباب واسعاً لإنشاء شركات صغيرة هدفها الحصول على تسهيلات مصرفية واستخراج إقامات لأهلها وأصدقائها في الدولة، ما قد يعمق مشكلة التركيبة السكانية. وقد يحدّ تعديل القانون من «الوكالات التجارية»، التي يستفيد منها عدد من كبار رجال الأعمال في الدولة، فهو يتيح للشركات الكبيرة فتح مكاتبها الخاصة وتوزيع منتجاتها من دون الاعتماد على وكيل. لكن البعض يفترض أن تطبيق قوانين منظمة التجارة العالمية سيهدم الجدار بين الدولة والمناطق الحرة، باعتبار أن هذه القوانين تتطلب منح المستثمر الأجنبي حق التملك الكامل وإلغاء الضرائب وتحرير قطاع الخدمات. ويقرّ بعض القائمين على هذه المناطق، والتي يصل عددها إلى أكثر من 18 منطقة موزعة على الإمارات السبع، بصعوبة المرحلة المقبلة، إذ عليهم أن يقدموا تسهيلات تفوق تلك التي تقدمها الحكومة، والتركيز على قطاعات لا تركز عليها الدولة مثل التكنولوجيا المتطورة.