[... هل يصبح الناس أكثر سعادةً وأفضل صحةً لأنهم مثقفون؟ أم انهم يبحثون فقط عن الراحة في الانشطة الثقافية؟] باريس - ا ف ب - "الذين يرتادون المتاحف، أو يحضرون الحفلات الموسيقية، أو يعملون في الفن أو يعزفون على آلة موسيقية هم اكثر رضا بحياتهم، من غيرهم، بصرف النظر عن مستوى تعليمهم أو غناهم..."، هذا ما خلصت اليه دراسة صدرت الثلثاء. وأظهرت الدراسة التي نشرتها المجلة الطبية البريطانية "بريتيش ميديكال اسوسييشن جورنال اوف ابيديميولوجي اند كوميونيتي هيلث" ان الرابط بين الثقافة والرضا عن النفس ليس مماثلاً عند الجنسين. فالأنشطة السلبية، مثل حضور حفلة موسيقية او معرض او ارتياد متحف، تحسن مزاج الرجال، وتعزز صحتهم، في حين ان النساء يفضلن الحركة، ويصبحن أقل ميلاً إلى الشعور بالقلق أو الاكتئاب اذا عزفن على آلة موسيقية أو قمن بابتكار فني. وقام باحثون يترأسهم كوينراد كيوبرز، من الجامعة النروجية للعلوم والتكنولوجيا، بتحليل معلومات استقوها من 50797 بالغاً يعيشون في بلدة نورد ترونديلاغ النروجية وجوارها. وطرحوا على المشاركين اسئلة مفصلة عن عادات الترفيه التي يتمتعون بها، وعن طريقة تقويمهم لحالتهم الصحية ورضاهم عن الحياة ومدى اصابتهم بالقلق والاكتئاب. وجاءت النتائج واضحة، والى حد ما غير متوقعة، إذ لم تظهر الدراسة ان الرابط بين الأنشطة الثقافية والسعادة كان قويا فحسب، بل أيضاً ان الذكور يشعرون بأنهم أفضل حالا عندما يكونون متفرجين، في حين ان النساء يفضلن ان يفعلن عوضاً عن الاكتفاء بالمشاهدة. وكان لافتاً أيضاً ان الدراسة اظهرت ان الثراء ومستوى التعليم لا يؤثران على مدى السعادة او الرضا. وجاء فيها أن "بعد ضبط العوامل ذات الصلة"، بما في ذلك الوضع الاجتماعي والاقتصادي، "يبدو ان المشاركة في الانشطة الثقافية مرتبطة على نحو مستقل بالصحة الجيدة وبانخفاض مستوى الاكتئاب، في حين ان الرضا عن الحياة يعتمد على جنس" الفرد. خلصت الدراسة الى ان "النتائج تدل على ان استخدام الانشطة الثقافية في الترويج للصحة والرعاية الصحية قد يكون مبرِرا". ولكن يبقى السؤال عن السبب والأثر: "هل يصبح الناس أكثر سعادةً وأفضل صحةً لأنهم مثقفون؟ أم انهم يبحثون فقط عن الراحة في الانشطة الثقافية؟" واضح أن الدراسة تناولت مجتمعات مثقفة ينهلون من التجليات الثقافية في بلدانهم، ولكن، ماذا عن "المثقف" نفسه، الذي يحتل موقع الناقد في الشأن العام، هل يكون أكثر سعادة وأفضل صحة لأنه... مثقف؟ والسؤال الذي يطرح ذاته - بداعي الغيرة أو الفضول وفي غياب النية والتعليل لتنفيذ دراسة مشابهة في ناحيتنا - هو: "هل المثقف العربي ومعه المجتمعات المثقفة في الدول العربية أكثر سعادة وأفضل صحة من بقية مواطنيهم... لأنهم مثقفون؟"