هل حلّت بك الكآبة، وخالطت سويداؤها مزاجك ومعنوياتك ومشاعرك على مدار الساعة؟ هل جرّبت عقاراً على غرار «بروزاك»، «زولوفت» أو «سيبراكس»، من دون ان تحسّ بانزياح الغيمة القاتمة التي تغلّف دماغك طوال الوقت؟ ثمة حلول أخرى. لم لا تجرّبها؟ لم لا تحاول ان ترسم او ترقص او تضرب على الطبلة او تعزف الناي أو غيرها من الأدوات الموسيقية؟ ربما أنك لا تعرف هذه المهارات. حسناً. يكفي الذهاب الى المسرح او السينما أو زيارة قاعة لعزف الموسيقى. الأرجح انها مهارات تخفّف الكآبة، وتعطيك إحساساً بصحة أوفر ومزاج أكثر اعتدالاً وانشراحاً. تلك هي الخلاصات الأساسية لدراسة واسعة عن الكآبة، أُجريت في النروج. وشملت خمسين ألف شخص من طبقات اجتماعية مختلفة. ونفّذت الدراسة «جامعة النروج للعلوم والتكنولوجيا»، باستعمال مقابلات مباشرة، ودراسة سجلات تفصيلية لمرضى وغيرها من وسائل القياس المستخدمة في الدراسات الطبية التي تجرى على مستوى المجتمع ككل. «هناك ارتباط إيجابي بين انغماس المرء في نشاطات ثقافية وبين الإحساس بامتلاك صحة جيّدة، ويتساوى في ذلك الأمر الرجال والنساء. وفي المقابل، تخفّ الكآبة أكثر عند الرجال كلما زاد انخراطهم في نشاطات ذات طابع ثقافي، لكن النساء لا يشاركنهم في هذا المنحى»، بحسب البروفسور جوستان هولمين الذي قاد الفريق العلمي في هذه الدراسة التي لم تنشر في أي دورية علمية حتى الآن، بل وضعت نتائجها على الموقع الالكتروني ل «جامعة النروج للعلوم والتكنولوجيا». وأوضح هولمين أنه دُهش، كبقية أفراد فريقه، لأن هذا الأمر ظهر في صورة متساوية في الطبقات الاجتماعية كلها، وعبر المهن جميعها، وتساوى فيه الزعيم السياسي والثري الارستوقراطي وسائق التاكسي والمزارع والطالب والعامل ومدير المصرف والوزير وغيرهم. وفي المقابل، شدّد هولمين على أن الانغماس في أنشطة ثقافية لم يعط أثراً إيجابياً بالنسبة للتوتر والقلق والتوفّز وما يشبهها من الحالات. وكذلك حذّر من ان الأثر الإيجابي للنشاطات الثقافية على الكآبة ملموس، لكنه ضعيف، بحيث أنه لا يصح القول ان هذه النشاطات تعطي صحة نفسية متينة، على رغم أنها تفتح باباً جديداً لمقاربة الكآبة وعلاجها. عن موقع «جامعة النروج للعلوم والتكنولوجيا» ntnu.no