لجأت شركات ومؤسسات أهلية إلى تقليل رواتب السعوديين بحجة عدم أحقيتهم في الحصول على دعم من «صندوق تنمية الموارد البشرية»، بخاصة لمن كانوا يعملون في شركات سابقة وحصلوا على الدعم ولو لشهر واحد فقط، فيما أكدت «وزارة العمل» ل«الحياة» أن الدعم يقدم للشاب السعودي مدة 12 شهراً، بغض النظر إن كان يعمل في شركة واحدة أو تنقل بين شركات عدة. وألمحت إلى احتمال زيادة مدّة دعم الموارد البشرية لأكثر من 12 شهراً، لافتاً إلى أنه سيتم الإعلان عن تعديلات بسيطة على بعض القرارات قريباً. وأكّدت «وزارة العمل» أن الدعم المعتمد من صندوق الموارد البشرية أتى إثباتاً لجدية الموظف، وذلك فيه تحفيز إلى التفرغ الوظيفي بشكل كبير، موضحة أن الدعم لا علاقة له بعدد المرات، بل لا بد من أن يستوفي صاحبه 12 شهراً، مشددة على ضرورة انضباط الشركات والمؤسسات ب«التوطين»، وحال نزولها عن 30 في المئة سيتم إنزالها للنطاق الأحمر، مؤكدة أنه لا يوجد شركة تستطيع الهرب من التوطين. واشترطت بعض الشركات والمؤسسات أخيراً في حال فتح باب التوظيف لديها «عدم حصول طالب العمل على دعم من الموارد البشرية سابقاً»، ويدعم صندوق الموارد البشرية فئة كبيرة من الشباب، إلا أن الجهل بالأنظمة تحرمهم من فرص وظيفية، إذ إن ذلك يضيّع فرصة التحاق طالب العمل بأية وظيفة أخرى، ولا يستطيع الباحث عن العمل ترك عمله السابق، لرغبته في عدم خسارة الدعم من صندوق الموارد البشرية التي بدورها لن تدعمه سوى مرة واحدة. وذكر إبراهيم النجراني (موظف في شركة أهلية) أن رد مسؤول التوظيف في إحدى الشركات التي تقدّم لها حول عدم إمكان قبوله لدعمه المسبق من صندوق الموارد البشرية «جعله طوال العامين براتب لا يتجاوز 3500 ريال»، مشيراً إلى أنه لم يعد يسعى للبحث مجدداً، خوفاً من خسارة الدعم من الموارد حال خروجه من دون إيجاد البديل المناسب، منتقداً هذه السياسة التي تعتبر سلبية في سوق العمل. وقال النجراني الذي لا يزال على رأس العمل ل«الحياة»: «أجريت مقابلة شخصية لأكثر من ثلاث مرات، ولم أُوفّق في الحصول على وظيفة بحجة أنني أحصل على دعم من صندوق الموارد البشرية»، مضيفاً: «أبحث عن وظيفة أخرى لرغبتي في إيجاد مكان أفضل»، مستبعداً أن يتغير الوضع من دون فرض رقابة دقيقة على المنشآت التي جعلت «الموظف السعودي واجهة لتفادي عقوبات وزارة العمل، وحال تحقيقها ذلك لا تُلقي له بالاً». بدوره، نفى مدير المركز الإعلامي لوزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية تيسير المفرج، أن يكون دعم صندوق الموارد البشرية له علاقة بعدد المرات، موضحاً أن الدعم لا بد من أن يستوفي 12 شهراً، لافتاً أنه حال خروج الموظف وهو مدعوم من الموارد البشرية قبل 12 شهراً، وانتقل إلى شركة أخرى يتم استكمال الدعم السابق، عازياً السبب إلى «إثبات جدية الموظف»، وذلك فيه تحفيزه إلى التفرغ الوظيفي بشكل كبير. وأكد في تصريح إلى «الحياة» أن الشركات والمؤسسات ترغب في الاستفادة، ودعم صندوق الموارد البشرية مساند لها في الراتب، موضحاً أن اشتراطها لعدم وجود الدعم المسبق «لا علاقة له بالتوطين»، مشدداً على ضرورة التزام المؤسسات بالتوطين، وذلك بحسب نشاطها، وحال نزولها عن 30 في المئة سيتم إنزالها مباشرة إلى النطاق الأحمر. وقال: «لا يوجد شركة تستطيع الهرب من التوطين». وألمح المفرج إلى احتمال زيادة مدة دعم الموارد البشرية لأكثر من 12 شهراً، لافتاً إلى أنه سيتم الإعلان عن تعديلات بسيطة على بعض القرارات قريباً، وتم إطلاق برنامج «مكافئة الجدية في العمل»، بعد دراسة أجراها صندوق الموارد البشرية من طريق بيانات «حافز» العامين الماضيين، ما أكد أن ما يقارب 51 في المئة من مستفيدي «حافز» يتركونه في الشهر ال12، ويتجهون إلى وظائف كانت تعرض لهم. وأضاف: «هذا السلوك ليس مقتصراً على موظفي المملكة، بل هي حال عامة على مستوى العالم»، معتبراً إياها «ليست إشكالاً كبيراً»، على رغم إعطائها «دلالة ومؤشراً أن باحث العمل يعثر على وظائف»، وهذا ما تقوم الوزارة في توفيره أسبوعياً، إذ إن طالب العمل لا يريد ترك «حافز» قبل إتمام 12 شهراً، ليستفيد من الإعانة. وأوضح أن صندوق الموارد البشرية جاء كي يحفّز الباحثين عن العمل، لذا تم إقرار «مكافئة الجدية للعمل». وكشف عن رصد الوزارة لمخالفات كثيرة لشركات ومؤسسات تحوي تلاعباً في شأن دعم صندوق الموارد البشرية، إذ إن ذلك يفرض عليها العقوبة التي يتم إقرارها بحسب المخالفة، لافتاً إلى أن ذلك يصل إلى الغرامات المالية، أو إيقاف الخدمات أو الدعم من الصندوق. فيما يحق للموظف الانتقال إلى الهيئة العامة للخلافات، حيث يتم التنسيق مع الصندوق ووكالة الوزارة للتفتيش وتطوير البيئة لرصد أية مخالفة وإيقاع العقوبة عليها. اختصاصي :«إعادة هيكلة الأجور» تنقذ المنشآت برّر اختصاصي سبب اقتصار دعم صندوق الموارد البشرية للموظف السعودي مرة واحدة، ل«التقليل من الضغط المادي على الصندوق»، وذلك من أحد شروطها في الدعم، الذي يجب ألا يكون سبق دعمه. وأكد مستشار الموارد البشرية خالد الشنيبر في تصريح إلى «الحياة» أن دعم صندوق الموارد البشرية «موقت»، عازياً سبب الدعم إلى «رفع كلفة العامل السعودي في سوق العمل تدريجياً، حتى يتجاوز كلفة العامل الأجنبي، ويصبح العامل السعودي الخيار المفضل لصاحب العمل». ولفت الشنيبر إلى أن ذلك لا يعد كونه «أمراً إيجابياً» حالياً، وذلك كإعانة تدفع لمساعدة المنشآت في توظيف السعوديين وتقديم رواتب مجزية لهم ومنافسة، ولكن على المدى البعيد إذا لم تتحرك المنشآت في إعادة هيكلة الأجور داخل المنشأة فستواجه تحديات كبيرة في استقطاب أيدي عاملة محلية. وأضاف: «لا أرى أن هناك مشكلة طالما إذا وجد طالب العمل وظيفة أفضل وبراتب أعلى، ويجب عدم الاعتماد كلياً على دعم الصندوق، والحرص على تطوير مهارات صاحب العمل حتى يضيف قيمة له في سوق العمل».