دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي «المسؤولين المدنيين الى أن يدركوا أن الله يطالبهم بالحساب، ويندد بتقصيرهم وظلمهم للشعب... كل مرة تخلَّفوا عن الخير العام، فلا يلتزمون بالنشاط التشريعي والاجرائي، والنشاط الاقتصادي والاجتماعي والنشاط الاداري والثقافي. وكل مرة يعطِّلون المؤسسات الدستورية والادارات العامة، ويحرمون بالتالي المواطنين من توفير أوضاع الحياة الاجتماعية التي تمكنهم، أفراداً وجماعات، من تحقيق ذواتهم تحقيقاً أفضل». وقال الراعي خلال استقباله وفوداً بعد عظته الاسبوعية في بكركي أمس: «نحن نعيش مع بعضنا البعض معاً وعلينا أن نواكب ونواجه كل الصعوبات التي يمر بها مجتمعنا اللبناني، مجتمع متفتت، متنازع، منقسم على نفسه، لكن من واجباتنا جميعاً أن نعيد بناء هذا النسيج اللبناني ليعود فيلعب دوره بخاصة في نظامه القائم على العيش معاً بمختلف الأديان والثقافات»، معتبراً أن «النظام اللبناني يختلف عن كل أنظمة الشرق كونه نظاماً ديموقراطياً يحترم الآخر ولو كان متوعكاً اليوم». وأضاف: «وطننا اليوم يعاني بعض الأمراض، وعلينا ان نعمل ليشفى منها بقوة ربنا أولاً وبقوة صلاتنا له»، مؤكداً «اننا في عالم ديموقراطي ينبغي أن يتمتع بحرية التعبير وحرية الرأي، وتنوع بالأحزاب والتطلعات والرؤيا، فإذا فقدناها فقدنا كل شيء». واعتبر أن «كل هذا الإنقسام الحاصل في لبنان هو لأن كل واحد منا يدعي انه يملك كل الحقيقة». وقال: «لا أحد يملك الحقيقة كاملة، كل منا يملك جزءاً من الحقيقة، الحقيقة هي عند الله، وبقدر ما يستطيع الإنسان أن يستمد من هذه الحقيقة المطلقة، عندها يمكن أن تصل حقائقنا النسبية الى رؤيا موحدة»، محذراً من «الإنزلاق في ما نحن اليوم من انشطار كبير عند من يدعي ان الحقيقة معه وحده، ومن لا يسير معه كلنا على خطأ»، مؤكداً أن «هذا الموقف هو ضد كل المفاهيم الإنسانية وضد كل مفاهيم الكنيسة. نحن نؤمن بكنيسة واحدة جامعة تنوع في الوحدة، تعددية في الوحدة، هذا هو دور لبنان الذي يجب أن يلعبه في العالم العربي الذي من لون واحد، وفكر واحد ورأي واحد، ولذلك لا يمكن أن تكون هذه الأنظمة أنظمة ديموقراطية، بل أنظمة ديكتاتورية وتوتاليرية، وكل هذه التظاهرات الكبيرة التي نراها دلالة على رغبة الإنسان في العيش بكرامة، وبحقوقه الإنسانية». واستقبل الراعي رئيس الحكومة الفرنسية السابق الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي في الفرنكوفونية جان بيار رفاران، يرافقه السفير الفرنسي في لبنان وممثل الرئيس اللبناني في الفرنكوفونية خليل كرم والوفد المرافق. وهنأ رفاران الراعي بانتخابه بطريركاً. ونقل له تحيات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، مجدداً دعوته البطريرك لزيارة فرنسا. وكان الراعي التقى رئيس «حزب الغد المصري» الدكتور ايمن نور المرشح عن تجمع أحزاب الإعتدال والليبرالية للانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر، والذي قدم له ميدالية الحزب، وبحث معه في موضوع عقد قمة روحية في مصر مع شيخ الأزهر والقيادات الروحية المسلمة والمسيحية المهتمة بالعيش المشترك، والتعددية السياسية مقدمة المواطنية ومبدأ الحريات في الدستور على أي أولوية أخرى.