بعد آلاف السنين عاد الملك رمسيس الثاني في موكب رسمي اليوم (الخميس)، ليستقر في موطنه الأول الجيزة، ويقف شامخاً عند مدخل البهو العظيم في المتحف المصري الكبير يرحب بكل زائر وباحث وعاشق للحضارة المصرية القديمة. وأقامت مصر احتفالية كبيرة لمناسبة نقل تمثال رمسيس الثاني إلى موقعه الجديد حيث صاحبته الفرقة الموسيقية العسكرية وتقدمته فرقة خيالة في زي المراسم واستقبله سفراء وقناصل حوالى 20 دولة عربية وأجنبية. التمثال مصنوع من الجرانيت الأحمر ويزن 83 طناً ويبلغ ارتفاعه حوالى 12 متراً، وكان يزين حتى وقت قريب أحد أكبر ميادين القاهرة. ورمسيس الثاني هو أشهر ملوك الأسرةال19 في مصر القديمة وامتد حكمه حوالى 67 عاماً. وعثر المغامر الإيطالي جيوفاني كافيليا على تمثال الملك رمسيس الثاني في قرية ميت رهينة في الجيزة العام 1820 وحاول نقله إلى إيطاليا لكنه لم ينجح. وتضم الجيزة بقايا مدينة منف عاصمة مصر في عهد الفراعنة الأوائل. وفي العام 1955 قررت مصر نقل التمثال إلى ميدان باب الحديد بالقاهرة حيث وقف شامخاً لنصف قرن من الزمان وأضفى اسمه على الميدان الذي تحول بمرور السنين إلى ميدان رمسيس. وفي حلول 2006 ظهرت آثار المرض على تمثال الملك الذي تأثر بالتلوث والزحام في وسط العاصمة، فتقرر نقله إلى أرض المتحف المصري الكبير انتظاراً لاستدعائه من جديد للوقوف في مدخل المتحف ليكون واجهة لحضارة مصر القديمة. وقال وزير الآثار المصري خالد العناني في كلمة اليوم لمناسبة وضع التمثال في موقعه الجديد، إن «هذا التمثال له حكاية طويلة تبدأ من القرن الثالث عشر قبل الميلاد، أي حوالى 3300 سنة، عندما توجهوا إلى محاجر الجرانيت في أسوان لقطع الأحجار اللازمة لنحت وتشييد تمثالين ضخمين وضعا أمام بوابة معبد بتاح الأكبر في منف، أول عاصمة لمصر الموحدة، التي يرجع تاريخها إلى خمسة آلاف سنة». وأضاف أن «عودة التمثال اليوم إلى الجيزة لها معنيان، الأول أنه عاد إلى منف مرة أخرى، أول عاصمة لمصر الموحدة، أما المعنى الثاني فهو أن التمثال يقف اليوم في بهو المتحف الكبير ليعود إلى دوره الأول عندما وضعه قدماء المصريين أمام بوابة معبد الإله بتاح والذي كان يطلق عليه رب الفنانين، وها هو عاد ليحمي أكبر مشروع مصري للحضارة والفن في العصر الحديث». وتكلف نقل التمثال 13.6 مليون جنيه (حوالى 771 ألف دولار) شملت أعمال تدعيم وعزل وتغليف التمثال لحمايته إضافة إلى رصف وتجهيز طريق بمواصفات خاصة لتحمل ثقل وزنه وتصميم روافع هيدروليكية خاصة. وتعتزم مصر افتتاح المتحف المصري الكبير جزئياً قبل نهاية 2018، ليكون أكبر متحف في العالم لحضارة واحدة. وتبلغ مساحة العرض المتحفي 23 ألف متر مربع أي ضعفي مساحة العرض المتحفي للمتحف المصري القديم بالتحرير. وقال وزير الآثار الأسبق زاهي حواس إن «رمسيس هو ملك ملوك الفراعنة، أهم ملك في مصر، حكم 60 عاماً، وعلى هذا الأساس يجب أن يتصدر مدخل المتحف المصري الكبير». وأضاف أن «التصميم المقترح أن يكون رمسيس الثاني في مقدم البهو العظيم ومن خلفه تماثيل لجميع ملوك مصر القديمة الذين صنعوا هذه الحضارة التي امتدت آلاف السنين».