لم تحمل المشاهدات التي قدمت في حلقة النقاش التي أقامتها منظمة «هيومن رايتس ووتش» بالتعاون مع مجلة «اكزيكيوتيف» في الجامعة الأميركية في بيروت أول من أمس، تحت عنوان «شاهد عيان على انتفاضة الشرق الأوسط»، جديداً في ما خص واقع الشعوب في هذه البلدان والقمع الذي مارسته وتمارسه الأنظمة عليها. إذ عكست مداخلة المشاركتين الوحيدتين في الحلقة وهما سارة ليا ويتسون مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» وزميلتها الباحثة هبة مريف الواقع نفسه الذي عكسه الإعلام وتقارير المنظمة من إدانة للقمع الرسمي وعمليات التعذيب وخصوصاً في مصر وليبيا. كما حملت المداخلات الانتقاد نفسه للازدواجية في المعايير التي تعتمدها الولاياتالمتحدة والعالم الغربي في التعاطي مع البلدان العربية التي تشهد ثورات، وفق مصالحها في هذه البلدان. وإن كانت ويتسون أوضحت أن ازدواجية المعايير هذه ليست حكراً على العالم الغربي، ف «البلدان العربية تعاطت مع ثورة ليبيا بطريقة مختلفة تماماً عن تعاطيها مع الثورة في سورية. ولبنان مثال واضح على هذه الازدواجية في المعايير». وغير بعيد من الحديث عن الازدواجية جاءت مداخلة مدير مكتب «هيومن رايتس ووتش» في بيروت نديم حوري الذي تطرق الى قضية الجنديين السوريين اللذين فرا إلى شمال لبنان قبل أسبوع، واللذين غلف قضيتهما غموض كبير في بيروت. وانتقد عملية وضع الأسلاك الشائكة على معبر البقيعة وإقفاله لمنع النازحين السوريين من الدخول الى لبنان. ولفت الى «تضارب المعلومات بين الجيش اللبناني ووزارة العدل حول قضية الجنديين السوريين. الجيش قال لنا ان لا علم له بالموضوع وعلينا ان نسأل القضاء، ووزارة العدل قالت ان علينا ان نسأل الجيش... الجميع تذرعوا باتفاقية تعاون وتنسيق أمني مع سورية يجب احترامها، لكن لبنان ملتزم أيضاً باتفاقيات دولية تمنع تسليم أشخاص إلى بلدانهم إذا كانوا سيتعرضون للتعذيب فيها». وعرض حوري مشكلة أخرى يواجهها «نازحون سوريون لجأوا الى لبنان، هي اعتقال السلطات الأمنية اللبنانية أعداداً منهم، وتسليمهم الى الأمن العام، بنيّة ترحيلهم، ما يشكل خطراً على حياتهم. إضافة الى ما تردد عن تسليم مركز علاج في حلبا جرحى سوريين الى الأمن العام أيضاً». وحملت تعليقات الناشطين في المنظمة انتقادات للعالم العربي على اعتبار أنه ليس ناشطاً في دعم الثورة في سورية والاحتجاجات في البحرين، واعتبرت أن الثورات العربية لم تأتِ تلبية لطموحات وتطلعات كبرى، أو رغبة في العودة الى حقبة قديمة من الزمن، إنما فقط لمطالبة الشعوب بحقوقها المفقودة في هذا الجزء من العالم. وروت مريف مشاهداتها في كل من مصر وليبيا، وعمليات الاعتقال والتعذيب في السجون ومراكز التوقيف في مصر، وانطلاق الثورة والمراحل التي مرت بها، وإن كانت لفتت الى أن «الأمور لم تنتهِ في مصر، وإن كانت وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان خفت». وعن ليبيا، تحدثت مريف عن الثوار الذي كانوا يسألون في بداية الثورة عن سبب عدم تدخل المجتمع الدولي لحمايتهم، وإن كانوا عبروا عن خوف حقيقي من أعمال القصف، ورفضوا في كل قاطع أي تدخل غربي بري.