استقبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بغداد اليوم (السبت)، وفداً رفيع المستوى برئاسة رئيس حكومة إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، للبحث في سبل حل الأزمة العالقة بين بغداد وأربيل، وفقاً لبيان رسمي. ومنذ الاستفتاء في الإقليم الشمالي حول استقلاله في أيلول (سبتمبر) الماضي، ضاعفت بغداد تدابيرها العقابية ضد أربيل، ففرضت حظراً على الرحلات الدولية من مطار أربيل والسليمانية وإليهما حتى نهاية شباط (فبراير). وكان وفد كردي زار بغداد الأسبوع الماضي، سبقته زيارة وفد حكومي عراقي إلى أربيل، في ما يبدو وكأنه رغبة من طرفي الأزمة في حلحلة المشكلات. وضم الوفد الكردي السبت نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد طالباني، ورئيس ديوان رئاسة الإقليم السابق فؤاد حسين. وأشار البيان الصادر عن رئاسة الحكومة العراقية إلى أن الطرفين ناقشا «مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية وحل الإشكالات بين الحكومة الاتحادية والإقليم وفق الدستور». وأكد العبادي خلال اللقاء «وحدة وسيادة العراق»، وأن «مواطني الإقليم جزء من الشعب العراقي، وأهمية إعادة وتفعيل جميع السلطات الاتحادية في الإقليم بضمنها المنافذ الحدودية والمطارات»، وفق المصدر. وتهدف هذه الزيارة، الارفع مستوى لوفد كردي منذ اندلاع الأزمة، إلى التباحث في شأن إدارة الحدود البرية مع إيرانوتركيا ورفع الحظر عن الرحلات الجوية الخارجية من مطاري الإقليم. واستعادت القوات العراقية، بعيد الاستفتاء، من البيشمركة جميع المناطق المتنازع عليها، خصوصاً محافظة كركوك الغنية بالنفط ومناطق في محافظة نينوى على الحدود مع تركيا. لكن القوات الكردية لا تزال تسيطر على المعابر الحدودية مع إيرانوتركيا، بينها منطقة فيشخابور حيث يعبر أنبوب تصدير النفط الشمالي الرئيس في رأس مثلث حدودي بين الأراضي التركية والعراقية والسورية، وتعتبر إستراتيجية خصوصاً للأكراد. وسيطرت قوات البشمركة على خط أنابيب النفط الممتد من محافظة كركوك مروراً بالموصل في محافظة نينوى الشمالية، في أعقاب الفوضى التي أعقبت الهجوم الواسع لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) قبل ثلاث سنوات. ومن المفترض أن يتوجه بارزاني السبت إلى إيران، التي كانت أيضاً في المعسكر المعارض للاستفتاء. من جهة ثانية فشل البرلمان العراقي اليوم في الاتفاق على يوم 12 أيار (مايو) موعداً لإجراء الانتخابات بموجب اقتراح الحكومة، إذ طالب المشرعون السنة والأكراد بالتأجيل للسماح لمئات الآلاف من النازحين بسبب الحرب بالعودة إلى ديارهم. ويصر سياسيون شيعة منهم رئيس الوزراء حيدر العبادي على إجراء الانتخابات كما هو مخطط في 12 أيار، قائلين إن تأجيلها يخالف الدستور. وقال التلفزيون الرسمي إن رئيس البرلمان سليم الجبوري، وهو سني، عبر عن أمله بعد جلسة اليوم في بغداد في أن يتمكن البرلمان من التصويت على موعد للانتخابات في حلول يوم الاثنين. ويسعى العبادي لإعادة انتخابه استناداً إلى زيادة شعبيته بين الغالبية الشيعية، بعدما قاد حرباً استمرت ثلاثة أعوام على تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) دعمها التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وكانت السفارة الأميركية في بغداد قالت في بيان يوم الخميس إن «تأجيل الانتخابات سيشكل سابقة خطيرة ويقوض الدستور ويضر بالتطور الديموقراطي في العراق في الأمد البعيد». وأبدت واشنطن تفهما للخطوة التي اتخذها العبادي في تشرين الأول (أكتوبر) بطرد المقاتلين الأكراد من منطقة كركوك الغنية بالنفط شمال البلاد، على رغم أنهم حلفاء تقليديون للولايات المتحدة. ونزح عشرات الآلاف من الأكراد نتيجة سيطرة القوات العراقية على منطقة كركوك متعددة الأعراق ومحيطها. وتقدر الأممالمتحدة العدد الإجمالي للنازحين الحاليين داخل العراق بنحو 2.6 مليون شخص، غالبيتهم سنة من المناطق التي كانت خاضعة إلى سيطرة «داعش». ومنصب رئيس الوزراء في العراق مخصص لسياسي من الشيعة العرب بموجب نظام لتقاسم السلطة وضع بعد الغزو الأميركي عام 2003 الذي أطاح بصدام حسين. ويحصل سياسي كردي من أعضاء البرلمان على منصب الرئيس وهو منصب شرفي إلى حد كبير، بينما ينتخب رئيس البرلمان من النواب السنة العرب.