تعهد رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني أمس، «بالحفاظ على إنجازات الأكراد ومكتسباتهم؛ على الرغم من انتكاسة كركوك»، فيما اعتبر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في وقت لاحق، أن استفتاء انفصال الإقليم الذي أجري الشهر الماضي في شمال العراق «انتهى وأصبح من الماضي». وفي مؤتمر صحافي في بغداد، دعا العبادي إلى حوار مع القيادة الكردية «تحت سقف الدستور لإنهاء الأزمة». من جهته، وفي أول كلمة له بعد أن سيطرت قوات الحكومة العراقية، الاثنين، على مدينة كركوك الغنية بالنفط، قال مسعود بارزاني «إن الشعب الكردي دافع عن هويته وتعرض لمجزرة»، موضحا «أن ما حدث في كركوك كان بسبب قرارات فردية من سياسيين كرد»، واضاف «نطمئن الأكراد أننا سنحافظ على مكتسباتهم». واعتبر بارزاني أن الاستفتاء على انفصال كردستان هو السبب وراء سيطرة القوات العراقية على كركوك، مضيفا «أن استفتاء الاستقلال لن يضيع هباء». خطوط 2003 وفي وقت شدد فيه رئيس الإقليم، على أن «القوات الكردية ستعيد انتشارها إلى المناطق التي كانت فيها قبل أكتوبر 2016»، كشف مصدر كردي مسؤول في تصريحات تلفزيونية، أن قوات البيشمركة ستنسحب إلى خطوط 2003، مؤكدا «أنهم ضد سفك الدماء مع الجيش العراقي، حيث قاتل الأكراد سويًا معه ضد داعش». وحذر المصدر في ذات الوقت ميليشيات الحشد الشعبي الطائفية من تجاوز خط 2003، لافتا بأنه ستكون هناك مقاومة شديدة قد تؤدي إلى تدخلات خارجية. وتُعرف حدود عام 2003 أيضا ب«الخط الأزرق»، وقد حددها القرار الدولي عام 688 إثر انتفاضة 1991، وتشمل محافظات دهوك وأربيل والسليمانية. في المقابل، دعا الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، إلى حوار عاجل بين الحكومة المركزية في بغداد وقيادة الإقليم لحل الأزمة التي سببها إجراء استفتاء على استقلال كردستان. وقال معصوم، في كلمة بثها التلفزيون العراقي «إن على الجميع الاحتكام للدستور لحل الأزمة في كركوك، داعيا الجميع لاحترام القانون وضبط النفس في هذه الظروف»، معتبرا إشراف البيشمركة على كركوك لا يتعارض مع الدستور العراقي. واستردت الحكومة المركزية في العراق السيطرة على أراض في مختلف أنحاء شمال البلاد من الأكراد أمس الثلاثاء، موسعة نطاق حملة مفاجئة ومؤثرة أدت لتغيير في ميزان القوى في البلاد بين عشية وضحاها. وفي اليوم الثاني من حملة مفاجئة نفذتها الحكومة لاستعادة مدن وقرى من القوات التابعة لإقليم كردستان العراق انسحبت قوات البيشمركة الكردية من منطقة خاناقين المتنازع عليها القريبة من الحدود مع إيران. وبسطت القوات الحكومية سيطرتها على آخر حقلين للنفط في محيط كركوكالمدينة التي يقطنها مليونا نسمة، في حين سيطرت جماعة يزيدية تتبع لميليشيات الحشد على بلدة سنجار، كما استردت القوات العراقية معبر ربيعة الحدودي مع سوريا بعد انسحاب قوات البيشمركة، وأعاد تقدمها رسم خريطة شمال العراق وقلص مكاسب الأكراد الذين أثاروا حفيظة بغداد في الشهر الماضي بإجراء استفتاء على الاستقلال. وأكد مسؤولون نفطيون في بغداد أن جميع الحقول تعمل بشكل طبيعي. استعادة «سنجار» وعقب دخول الجيش العراقي وميليشيا الحشد الشعبي قضاء سنجار بعد انسحاب البيشمركة منه بشكل سلمي أمس، أعادت العملية تسليط الضوء على المدينة التي تعرضت لهجوم من تنظيم داعش بعد هجومه على مدينة الموصل في شمال العراق في يونيو 2014، حيث تعرضت المدينة الى اعتداءات وحشية من التنظيم الذي ارتكب مجازر فيها وخطف عددا كبيرا من النساء وأخذوهن سبايا. وبعد نزوح سكان المدينة إلى جبل سنجار في 2015، استعاد البيشمركة المدينة بدعم من التحالف الدولي، ما أدى إلى فك الحصار عن الجبل وتحرير العوائل العالقة فيه، لكن الايزيديين لم يعودوا الى المدينة بسبب الدمار الكامل الذي لحق بها. وتقع سنجار في محافظة نينوى التي استعادت القوات العراقية السيطرة عليها بشكل كامل من تنظيم داعش في أغسطس الماضي، الا ان الاكراد يطالبون بإلحاقها بالإقليم الذي نظم استفتاء للاستقلال. وسيطر البيشمركة على المدينة بعد انسحاب الجيش، لكنهم ما لبثوا ان انسحبوا منها بعد حوالي الشهر، قبل ان يرتكب تنظيم داعش الفظائع فيها. من ناحيته، أعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب أن بلاده «لا تنحاز لأي طرف» في الازمة. وقال ترامب في مؤتمر صحافي في البيت الابيض «لا ننحاز لأي طرف، لكننا لا نحبذ ان يدخلوا في مواجهات»، وأضاف «لقد أقمنا علاقات جيدة جدا مع الاكراد منذ سنوات عديدة كما تعلمون، وكذلك مع الجانب العراقي، رغم انه ما كان يجب ان نذهب الى هناك». وكان ترامب أعلن خلال حملة انتخابات 2016 انه يعارض وجود الجيش الأمريكي في العراق، وفي الوقت نفسه، قال متحدث باسم البنتاغون خلال مؤتمر صحافي: إن استعادة السيطرة على كركوك من قبل القوات العراقية كان ضمن «حركات منسقة وليس هجمات». وقال الكولونيل روب مانينغ: ان «العسكريين ومستشاري التحالف لا يؤيدون الحكومة العراقية او حكومة إقليم كردستان قرب كركوك»، وأضاف: «نواصل دعمنا لعراق موحد». بدورها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية هيذر نويرت «ان الولاياتالمتحدة قلقة للغاية لأعمال العنف في كركوك، وتعمل مع مسؤولي الحكومتين المركزية والاقليمية لخفض التوترات وتجنب وقوع مواجهات جديدة وتشجيع الحوار».