لم تكن التحديات التي واجهها قبل عقود من الزمن الأديب والشاعر السعودي عبدالله بن خميس الذي غيّبه الموت أمس (الأربعاء)، تقل عن مثيلاتها اليوم، إن لم تفقها صعوبة. فهو شخصية عرفت بنضالها من أجل التعليم وإشاعة المعرفة. وأسس صحافة وأسهم في نهضة إعلامية. وكل هذه الأمور، لم يكن سهلاً في تلك الحقبة التعاطي معها، وكانت في حاجة إلى شاعر أحلامه بلا حدود وبروح جامحة ليحقق ما يريد. وابن خميس، المولود العام 1919 في واحدة من قرى الدرعية بمنطقة الرياض، يعد أحد الرموز الأدبية في الجزيرة العربية. فهو باحث وأديب، ينتمي إلى جيل عانى كثيراً حين لم يكن متاحاً له الوسائل والمميزات التي تتنعّم بها أجيال اليوم، لذلك كانت الحياة شاقة والدروب وعرة أمامهم. وفي أقل من أسبوعين ودّعت السعودية اثنين من أهم رموزها في الأدب المعاصر، إذ سبق ابن خميس الأديب عبدالله عبدالجبار صاحب كتاب «التيارات الأدبية الحديثة في الجزيرة العربية». ألّف ابن خميس عشرات الكتب في الأدب والنقد والتراث وأدب الرحلات، وبعض هذه الكتب اعتبر في حينه، ولا يزال، مراجع أساسية لا بد للدارس والمهتم بالأدب في الجزيرة العربية من العودة إليها. وكان له برنامج يعده ويقدمه بعنوان «من القائل» لقي رواجاً وشهرة واسعة. كرم ابن خميس كثيراً، وقوبلت كتبه وجهوده بالعرفان والتقدير. فهو نال جائزة الدولة التقديرية في الأدب 1982، واختاره المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) شخصية ثقافية للعام 2002 ومنح وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى. وعلى الصعيد الخارجي، قلّده الرئيس ميتران وسام الشرف الفرنسي، درجة فارس. كما نال وسام الثقافة من تونس من الرئيس الحبيب بورقيبة. أسس ابن خميس نادي الرياض الأدبي 1975وكان أول من ترأسه، وتقلد مناصب عدة، وشغل مهاماً كبيرة، قبل أن يطلب التقاعد العام 1972 ليتفرغ للبحث والتأليف. ومن أهم كتبه «تاريخ اليمامة» و«المجاز بين اليمامة والحجاز» و«معجم جبال الجزيرة» و«جهاد». يقول عنه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة إنه تحول «رمزاً لتلك القيم العلمية والأدبية التي تحتفل بها أجيال من المثقفين والمثقفات في وطننا العربي الكبير»، مشيراً إلى أن ابن خميس «مكتبة في رجل، فتراثه العلمي الباذخ يعيد إلى الأذهان أسماء تلك الكوكبة العظيمة من العلماء الأعلام في تراثنا الأدبي والتاريخي والجغرافي، بما أتاحه له الله من فسحة في العلم، وذاكرة ثرية وعت جليل المرويِّ، شعراً ونثراً، فكان، بحق جبلاً من العلم».