لم تكن البسمة تفارق شفتيه، ولم يكن التفاؤل يغادر قلبه، كبيرة أحلامه وكثيرة، لكن يأتي في مقدمها إدخال الفرح إلى قلب والده الكفيف. لم تمهله الأقدار، وفي لحظة وجد نفسه معوقاً عاجزاً ومحتاجاً إلى الآخرين، فانقلبت الحال، وملأ الحزن قلبه وقلوب جميع أفراد أسرته وبات المستقبل كابوساً مخيفاً، ليس عليه وحده، بل على كل من كان يعيلهم، وفي مقدمهم زوجته وأطفاله الصغار. هذا الوضع هو ما يعيشه مدرب فريق الوطني في تبوك ومساعد مدرب منتخب المملكة للناشئين في لعبة الكاراتيه الكابتن حسين النجعي، الذي بدأت مأساته بعد أن أصيب بالشلل النصفى إثر حادثة مرورية. ويعود حسين بالذاكرة إلى ذلك اليوم: «في مساء يوم 19/11/1431ه كنت عائداً من عملي، إذ أعمل عسكرياً في تبوك، وفجأة انقلبت سيارتي مرات عدة، ولم أشعر بنفسي إلا وأنا في المستشفى مصاب في شكل مباشر بكسور بليغة في العمود الفقري أدت إلى إصابتي بالإعاقة الدائمة والشلل التام وعدم القدرة على الحركة». ويضيف: «بذل الأطباء كل ما في وسعهم لأستعيد قدرتي على الحركة، إلا أن الإصابة كانت بالغة، خصوصاً في ثلاث فقرات من العمود الفقري»، موضحاً بأنه مكث في مستشفى القوات المسلحة في تبوك أكثر من ستة أشهر من دون أن يطرأ أي تحسن على وضعه الصحي. ويتابع النجعي: «شيئاً فشيئاً بدأ الأمل يتبدد والضوء المتبقي في قلبي ينطفئ، وكنت أشعر بذلك خصوصاً من كلام الأطباء»، مستدركاً: «إلا أن ضوء أمل لاح لي بعد فترة قصيرة من اليأس، إذ علمت من بعض الزملاء أن هناك مستشفيات ومراكز صحية خارج السعودية تستطيع بعد فضل الله التعامل مع حالتي». ولا يخفي الرياضي المعوق أنه لا يتوقف عن التفكير في أي وسيلة تمكنه من استعادة حركته، «أنا مؤمن بقضاء الله وقدره، إلا أنه من الصعب اليأس من رحمة الله، خصوصاً أنني كنت أهوى لعبة الكاراتيه وأمارسها منذ زمن بعيد وقد التحقت بفريق الوطني في تبوك ودربت الفريق هناك كما شاركت مساعداً لمدرب منتخب المملكة للناشئين لمدة 5 سنوات، وسبق أن شاركنا في بطولة دولية في ماليزيا عام 1429ه وحققنا نتائج مرضية، وكل ذلك يدعوني إلى التفاؤل والبحث عن علاج مهما كلف الأمر». لم يرد حسين الإفصاح ل «الحياة» عن وضعه المادي، إلا أن من يدلف إلى منزله لا يخفى عليه الحالة المتردية التي تعيشها أسرته، «أعول أسرتي المكونة من زوجتى وولدين وثلاث بنات، إضافة إلى اثنين من أشقائي، أما والدي فهو كفيف البصر»، مؤكداً أن حياة كل هؤلاء وحالهم النفسية تغيرت إلى الأسوأ بعد إعاقته، خصوصاً شقيقه الذي اضطر إلى ترك عمله والبقاء إلى جواره لمساعدته في ظل عجز والدهم وصغر سن الأطفال.