بغض النظر عن الإيجابيات التي سيمنحها اغتيال بن لادن لأوباما في الداخل الأميركي من تجديد لولايته وصعود للدولار، مع ما يرافق ذلك من انتعاش للاقتصاد الأميركي في شكل عام، فإن أسئلة جوهرية لا بد من أن تطرح، منها: بعد مرحلة بن لادن كيف سيتعاطى الغرب مع المسلمين؟ هل يعتبرهم جميعاً بن لادن؟ أم يعتبرهم من معسكر الاعتدال الذي يكتب هو الآخر فصوله الأخيرة في العالم العربي؟ وهل بغياب القاعدي الأول ستغيب القاعدة كتنظيم؟ أم أنها ستجري عملية تقويم لأدائها كما فعلت جماعة الجهاد في مصر إبان اعتقال زعيمها سيد إمام شريف، فتحول خطابها الى لا عنفي وتقدم نفسها على أنها تنظيم إسلامي بعيد عن الدماء؟ أم أن الرد على اغتيال القائد سيكون مدوياً في توقيته ونوعية استهدافه؟ لا شك في أن اغتيال بن لادن يفتح صفحة جديدة في العلاقات العربية - الأميركية، إلا أن هذه الصفحة تبقى خالية من أي مضمون إن لم تبادر أميركا الى إحداث تغيير جذري في خطابها الموجّه الى المسلمين، حتى لا تكون بعد فترة وجيزة أمام مجتمع بن لادني كامل. المسلمون اختلفوا حول مقتل بن لادن، فمنهم من أيّد ودعم، ومنهم من صلّى صلاة الغائب وأقام العزاء، لأن لكل منهم قصة يرويها مع الغرب بعامة والولاياتالمتحدة بخاصة. لكن، أي أثر استراتيجي لهذا الاغتيال؟ يقول تقرير لمعهد «ستراتفور» الأميركي للدراسات الاستخباراتية إن مقتل بن لادن لا يشكل في السياق الاستراتيجي العام أي نصر حقيقي مؤثر في الحركة الجهادية في العالم من الناحية العملياتية. ويحذر التقرير من الإفراط في لغة التضخيم ومناخ الاحتفالات التي شهدتها العاصمة الأميركية بعد الإعلان عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة، معتبراً أن العملية وفي واقع الحال لا تقدم سوى نصر معنوي لا يشكل انقلاباً جذرياً في الحرب على الإرهاب، خصوصاً أن بن لادن كان شبه منقطع عن العالم الخارجي، وعن التنظيم الذي يتولى عملية إدارته، وبالتالي كان بعيداً عن أي دور قيادي في ضبط وتوجيه أنشطة تنظيم القاعدة منذ سنوات لأسباب لوجستية وأمنية. بن لادن صنيعة أميركية عندما انتهت فترة صلاحيتها تمت تصفيته! فمن هو الشخص الذي ستصنعه الولاياتالمتحدة بعده ليشغل العالم من جديد؟ وتحت أي عنوان هذه المرة؟