هزت قنبلة سياسية الوسط السياسي والإعلامي في فرنسا أمس، بعدما أوقفت شرطة نيويورك المدير العام لصندوق النقد الدولي الوزير الفرنسي الاشتراكي السابق دومينيك ستروس-كان، بتهمة «اعتداء جنسي ومحاولة اغتصاب» عاملة تنظيف في فندق. ستروس-كان الذي نفى، هو زوجته، التهمة الموجهة إليه، كان الشخصية الأكثر شعبية لدى الاشتراكيين في فرنسا، ومرشحهم المحتمل للرئاسة، متقدماً في استطلاعات الرأي على الرئيس نيكولا ساركوزي وزعيمة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف مارين لوبن. وفجّرت التهمة الموجهة اليه فضيحة قد تنهي مسيرته السياسية في فرنسا، وعمله مديراً لصندوق النقد. وكان ناطق باسم شرطة نيويورك اعلن ان موظفة تنظيف دخلت غرفة شتروس-كان معتقدة انها خالية، لكنه خرج من الحمام واعتدى عليها، محاولاً احتجازها. واضاف ان المتهم «فرّ» من الفندق، ناسياً هاتفه الخليوي وأغراضاً شخصية أخرى. وزاد ان شتروس-كان أُنزل من طائرة «إر فرانس» كانت على وشك الاقلاع من مطار جون كنيدي في نيويورك، مشيراً الى انه «وُضع قيد الحبس الاحتياطي وسُلّم الى شرطة نيويورك» التي تستجوبه. ولفت الى ان موظفة الفندق التي تبلغ من العمر 32 سنة، عولجت في مستشفى من «جروح طفيفة». لكن محاميّ شتروس-كان أعلنوا ان موكلهم «ينفي كل التهم ضده، وسيدفع ببراءته». وقال أحدهم وهو ليون ليف فوستر: «يجب أن ننتظر الى أن تستقرّ الأمور، ونرى إذا كانت حقيقية أم استفزازاً. يجب أن نتحلى بالحذر، حتى لا ندخل سيركاً إعلامياً، ويجب أن ننتظر حتى تتضح الأمور». في باريس، نفت المذيعة آن سنكلير، زوجة شتروس-كان، الاتهامات الموجهة إليه، قائلة في بيان: «لا أصدق ولو للحظة، الاتهامات الموجهة الى زوجي. لا أشك في كشف براءته، وأدعو الى ضبط النفس والحشمة». وأعلن الناطق باسم شرطة نيويورك، ان شتروس-كان لا يحظى بحصانة ديبلوماسية. وينصّ قانون ولاية نيويورك على معاقبة المدان باعتداء جنسي، بالسجن بين 15 و20 سنة. كما ان عقوبة الاحتجاز غير القانوني، تراوح بين 3 و5 سنوات. وأثار النبأ صدمة لدى الأوساط السياسية في فرنسا، خصوصاً في الحزب الاشتراكي المعارض، والذي قالت زعيمته مارتين أوبري أن الخبر «بمثابة صاعقة، والحذر مطلوب»، معربة عن «ذهولها» كما دعت الحزب الى «الوحدة والتضامن». المرشح الاشتراكي للرئاسة فرانسوا هولاند دعا الى «الحذر والتريث لمعرفة حقيقة الأمور»، فيما قالت سيغولين روايال التي قد تترشح أيضاً للمنصب: «إنها صدمة. من حقّ دومينيك شتروس-كان، مثل أي مواطن، ان يتمتع بقرينة البراءة». وطالبت «الجميع بضبط النفس وعدم السعي الى استغلال الوضع». وسعى شترواس-كان الى نيل تأييد الحزب الاشتراكي، لانتخابات الرئاسة العام 2007، لكنه حلّ ثانياً وراء روايال. الناطق باسم الحكومة الفرنسية دعا الى الحذر، مشيراً الى «افتراض البراءة» قبل المحاكمة، فيما اعتبر اليميني فرنسوا بايرو، خصم شتروس-كان، النبأ «مذهلاً، ورهيباً لصورة فرنسا إذا ثبتت صحته». اما زعيمة «الجبهة الوطنية» مارين لوبن، فاعتبرت ان الحدث غير مفاجئ لأن «باريس كلها تضجّ منذ شهور في شأن العلاقات المرضية التي يقيمها شتروس-كان على ما يبدو مع نساء. كنت أنا ضحية بعض الشيء في مبارزة معه، إذ كان غير لائق في كلامه». ورأت ان «الوقائع المنسوبة اليه، اذا تبيّنت صحتها، هي على جانب كبير من الخطورة، وهو فقد صدقيته تماماً بوصفه مرشحاً لأعلى منصب في الدولة، كما يُرجح ان يدفع صندوق النقد الى ان يطلب منه التخلي عن منصبه». أنصار شتروس-كان في الحزب الاشتراكي، حضوا على الحذر، مؤكدين انهم لا يصدقون قيامه بذلك، فيما لم يستبعد بعضهم أن يكون وقع في فخّ نُصب له. ونقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن معلّقين على الانترنت تساؤلهم هل ان الحادث جزء من حملة قذرة خطط لها ساركوزي، ضد منافسه الرئيس في انتخابات الرئاسة. وشتروس-كان (62 سنة)، وهو أب لأربعة أولاد، معروف بعلاقاته النسائية، لكن سنكلير أعلنت انها تسامحه وتحبه مثل أول أيام زواجهما. وكان بعد تسلّمه إدارة صندوق النقد العام 2007، على علاقة مع موظفة هنغارية، ما أدى الى فتح تحقيق داخلي، بُرّئ بعده من تهمة استخدام النفوذ في علاقته معها، لكن مجلس ادارة الصندوق أخذ عليه «خطأً خطراً في التقدير».