واشنطن، إسلام آباد - يو بي آي، رويترز - قال مسؤولون أميركيون بارزون إن الإدارة الأميركية لا تزال بعد أسبوعين من مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في باكستان منقسمة في شأن مستقبل علاقاتها مع الأخيرة. وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» أمس، بأن اكتشاف بن لادن في مدينة آبوت آباد بالقرب من العاصمة الباكستانية إسلام آباد دفع بكثيرين في الإدارة الأميركية بعيداً من أي استعداد لتحمّل علاقات باكستانية غامضة مع مجموعات متطرّفة. وأشارت إلى أن بعد سنوات من التحذيرات الأميركية، يصل كثير من المسؤولين الأميركيين إلى استنتاج بأن تغييراً في السياسة مع باكستان تأخر طويلاً. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التحذيرات تأتي ضمن «سلسلة من الحسابات المكتوبة المعاصرة» التي حصلت عليها، تؤرّخ لثلاث سنوات من الاجتماعات المتواصلة غالباً التي شملت مسؤولين رفيعي المستوى من البلدين. وبتأكيد من المشاركين الأميركيين والباكستانيين في هذه اللقاءات، فإنها مثلت جدالاً كررت فيه الولاياتالمتحدة القول بأن لديها دليلاً لا يمكن دحضه لعلاقات بين القوات العسكرية الباكستانية والمسؤولين الاستخباريين مع «طالبان» الأفغانية ومتمردين آخرين، وحذرت بأن رفض باكستان التحرك ضد هؤلاء سيكون له ثمنه. وقال المسؤولون الأميركيون إنه لا يوجد دليل على أن القوات الباكستانية أو القادة المدنيين كانوا على علم بمكان بن لادن أو سمحوا بأي دعم رسمي له، لكن إقامته في منطقة قريبة من مبانٍ عسكرية باكستانية جعلت العلاقات بين البلدين في نقطة تأزم. وأوردت الصحيفة أن بعض المسؤولين الأميركيين، وخصوصاً في البيت الأبيض، أيدوا انتقاماً قوياً، وخصوصاً في حال واصلت باكستان رفض حصول الأميركيين على المواد التي تركها الكوماندوس الأميركي الذي أخذ كل الأوراق والحواسيب التي تمكن من الوصول إليها خلال العملية التي نفذت في مكان سكن بن لادن وأدت الى مقتله في 2 الشهر الجاري. وقال أحد المسؤولين في الإدارة الأميركية: «لا يمكنكم مواصلة العمل كالمعتاد... عليكم أن تنقلوا في شكل ما للباكستانيين بأنهم وصلوا إلى خيار كبير، من كانوا جاهزين للاستماع الى القصة الباكستانية لمدة طويلة ما عادوا كذلك». لكن عدداً قليلاً من المسؤولين يحرصون على التفكير ببدائل إن اتخذت باكستان الخيار الخطأ، وذكر المسؤول أن لا أحد بين المسؤولين الأميركيين «يريد اتخاذ قرار خاطئ وسريع». وأشارت الصحيفة إلى أن أي خيار موجود بدءاً من الحد من المساعدات الأميركية لباكستان والتواصل الرسمي معها، إلى شن مزيد من الهجمات الأرضية الأحادية الجانب ضد أهداف «إرهابية»، يعرض المساعدة الباكستانية للخطر. وذكرت أن النجاح العسكري والتوصل لتسوية عبر التفاوض للحرب الأفغانية يعتبر أمراً غير ممكن من دون بعض المساعدة من باكستان. وأفادت الصحيفة بأن مسؤولين في الأمن الوطني في الإدارة الأميركية عقدوا لقاءات عدة حول باكستان في البيت الأبيض، ومن المقرر إجراء المزيد منها هذا الأسبوع. ولم يتخذ أي قرار إن كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ستجري زيارتها التي كانت مقررة إلى باكستان لاحقاً هذا الشهر. وقال مسؤول أميركي إن السيناتور جون كيري، سافر إلى باكستان حاملاً معه رسالة عاجلة من البيت الأبيض وتحذيرات في شأن «المزاج المتقلّب للكونغرس». ويسعى كيري الى الحصول على ردود من مسؤولين باكستانيين على أسئلة متعلقة بأسامة بن لادن كما يسعى الى التأكد من أن غضب باكستان من العملية الأميركية لا يؤثر في التعاون الأمني الحيوي بين الجانبين. ومن المرجح أن تسعى واشنطن الى الحصول على مساعدة باكستان في تحقيق مع إمام مسجد في فلوريدا واثنين من أبنائه ألقي القبض عليهم في الولاياتالمتحدة السبت لاتهامات بتمويل «طالبان باكستان». وقال مسؤولون أميركيون إن هناك ثلاثة متهمين آخرين يعيشون في باكستان. وأعلنت وزارة الخارجية الباكستانية أنها لم تتلقَّ بعد طلباً بالمساعدة لكنها مستعدة لذلك. وقالت تهمينا جانجوا الناطقة باسم الخارجية الباكستانية: «في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب فإن هناك تعاوناً مستمراً مع الولاياتالمتحدة وليس هناك تعليق له». وكان كيري الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي التقى في كابول مساء السبت الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، كما أعلنت الرئاسة الأفغانية أمس. وأفادت الرئاسة في بيان بأن الرجلين عقدا اجتماعاً في القصر الرئاسي بحثا خلاله «المسائل ذات الاهتمام المشترك بين البلدين». وأضاف البيان أن كرزاي وكيري «ناقشا الوضع في أفغانستان والمنطقة، وعملية إعداد وثيقة الشراكة الاستراتيجية الطويلة الأمد بين أفغانستانوالولاياتالمتحدة، والتطورات الإقليمية بعد مقتل أسامة بن لادن». ووصل كيري الى أفغانستان السبت في زيارة مفاجئة لم يكشف برنامجها ولا مدتها «لدواعٍ أمنية».