أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس، بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيلقي الأسبوع المقبل كلمة الى العالم الإسلامي بعد مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، ووسط الاضطرابات التي تجتاح دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأوردت الصحيفة أن «أوباما سيؤكد في خطابه الشامل أن مقتل بن لادن والثورات الشعبية التي يشهدها العالم العربي تؤكد أن لا دور للتنظيم في العالم العربي». وتوقع بين رودس، نائب مستشار الأمن القومي لأوباما أن يلقي الأخير الخطاب قبل بدئه جولة تستمر خمسة أيام في أوروبا في 23 الشهر الجاري، معتبراً أن «توقيت مقتل بن لادن مهم في ظل معايشة المنطقة العربية نموذج معاكس لنموذجه». وأشار مسؤولون أميركيون الى أن الرئيس سيؤكد أن بن لادن مثل نهجاً فاشلاً من الماضي مع اندلاع حركات شعبية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمثل المستقبل. وفي موسكو، أكد الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أن مقتل بن لادن قد يؤثر مباشرة على أمن بلاده، مطالباً بزيادة إجراءات حماية السفارات الأجنبية ومكاتب التمثيل الأجنبي للشركات الحكومية. وقال مدفيديف خلال اجتماع أمني: «ليس سراً أن القاعدة كانت ولا تزال ترسل مبعوثيها الى روسيا»، علماً أن روسيا تربط بين «القاعدة» والمتمردين الذين يقاتلون القوات الحكومية في جمهوريات شمال القوقاز المسلمة. الى ذلك، أعلن وزير الخارجية الأفغاني زالماي رسول على هامش منتدى عقِد في العاصمة الصينية بكين، أن مقتل زعيم «القاعدة» قد يسرع وتيرة الجهود المبذولة للمصالحة مع حركة «طالبان»، لكنه حذر من أن هذا الأمر «سابق لأوانه»، علماً أن المحادثات لا تزال مبدئية ولم تتجاوز مرحلة الاتصالات. ولم يشر رسول الى احتمال أن يدفع مقتل بن لادن الولاياتالمتحدة الى الانسحاب بسرعة أكبر من أفغانستان من الموعد النهائي المحدد بحلول عام 2014، لكنه اعتبر أن مقتل بن لادن سيجعل عملية نقل مسؤولية الأمن الى القوات الأفغانية أسهل، لأن تهديد الأمن سيقل. وكرر موقف كابول بأن الأفغان أنفسهم ضحايا لبن لادن. ودعت الولاياتالمتحدة بعد مقتل بن لادن في الثاني من الشهر الجاري «طالبان» الى التخلي عن «القاعدة» والتفاوض لإنهاء الحرب في أفغانستان، فيما كشفت مصادر رسمية أن واشنطن بدأت محادثات فعلياً مع الحركة، في مسعى يرى محللون أفغان إنه يتزامن مع رغبة الحركة في قطع علاقاتها ب «القاعدة». وأول من امس صرح قائد القوات الأجنبية في شرق أفغانستان الجنرال الأميركي جون كامبل بأن مقتل بن لادن «قد يشجع مقاتلي طالبان على إلقاء سلاحهم، والانضمام الى عملية المصالحة الأفغانية». وقال الجنرال كامبل خلال مؤتمر عبر الدائرة المغلقة من باغرام: «يزداد الأمل مع وفاة بن لادن، باندماج عدد كبير من مقاتلي الحركة في المجتمع الأفغاني ويلقوا السلاح، والذي حصل أيضاً خلال الشهور الماضية». وتابع: «الأكيد أن مقاتلي طالبان شاهدوا شريط زعيم القاعدة في مقر إقامته وهو يتابع برامج تلفزيونية، وأنه ليس القائد الكبير الذي يعتقدونه». لكنه شكك في رغبة عناصر «شبكة حقاني» بالمشاركة في المصالحة. وسمحت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) بأن يرى أعضاء لجنتي الاستخبارات والقوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، «إذا رغبوا»، صور بن لادن بعد مقتله، علماً أن الرئيس أوباما استبعد الأسبوع الماضي نشر الصور للجمهور، بحجة أنها قد تحرض على العنف وقد تستغلها «القاعدة» كأداة دعائية. وفي خطوة قد تزيد التباعد بين إسلام آباد وواشنطن، أدرجت الإدارة الأميركية بدر الدين الحقاني ضمن لائحتها لممولي وداعمي الإرهاب، والتي تضم أيضاً والده جلال الدين وأشقاءه نصير الدين وسراج الدين الحقاني. وستجمد بموجب هذه اللائحة أصول جلال الدين في الولاياتالمتحدة وتحظر التعاملات معه، مع العلم أن واشنطن تتهم باكستان بدعم وإيواء عناصر من «شبكة حقاني». على صعيد آخر، يتوجه السناتور الديموقراطي جون كيري الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الى باكستان الأسبوع المقبل، في محاولة لتهدئة التوتر بين واشنطن وإسلام آباد بعد قتل قوات أميركية خاصة بن لادن في باكستان. ويأمل كيري بأن يحل بعض المسائل العالقة منذ مقتل بن لادن، تنفيذاً لاقتراح عدد من الأشخاص إجراء حوار حول مرحلة ما بعد العملية لبحث كيفية العودة الى «الطريق السليم». وتعد باكستان حليفاً رئيسياً في الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد تمرد «طالبان» و «القاعدة» في أفغانستان المجاورة، وتتلقى مساعدات أميركية ببلايين الدولارات سنوياً. والاثنين الماضي، وصف رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني الاتهامات الأميركية بأن مسؤولين باكستانيين ساعدوا بن لادن على الاختباء لسنوات في مجمع كبير، بأنها «سخيفة»، متعهداً إجراء تحقيق شامل في المسألة. الى ذلك، كشف مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون أن واشنطن أبلغت إسلام آباد مرات أنها سترسل قوات أميركية الى باكستان إذا امتلكت أدلة على اختباء بن لادن هناك.