أكد خبراء وأكاديميون أن على العراق السعي إلى تعظيم موارد الدولة من القطاعات غير النفطية، إذا ما أراد الخروج من أزمته الاقتصادية الحالية، مشيرين إلى أن 90 في المئة من موازنات العراق منذ عام 2003 اعتمدت على النفط وسجلت عجزاً مقداره 37 في المئة من حجم الإيرادات المخططة، ما أجبر الدولة على الاقتراض. وأجمعوا خلال مؤتمر علمي انعقد في «جامعة محافظة تكريت» شمال بغداد أخيراً، على أن الحكومات المتعاقبة لم تنجح في التخفيف من اعتماد الاقتصاد العراقي على تصدير النفط، ما يبعده عن الاستقرار ويلغي عمل الفعاليات الاقتصادية الأخرى، في وقت يُعَدّ العراق واحداً من أغنى الدول نتيجة ثرواته المختلفة. وقال أستاذ الاقتصاد في «الجامعة الإسلامية» في بغداد علي الراوي: «العراق لن يعود إلى سابق عهده إلا بالعودة عن اقتصاد السوق الذي اقره الدستور»، عازياً ذلك إلى أن مجمل اقتصاد البلاد بني على خطأ. وشدد أستاذ الاقتصاد في كلية الإدارة والاقتصاد في «جامعة تكريت» عباس ناجي جواد، أن على الدولة والمشرعين الاقتصاديين أن يراعوا تركيبة الدولة الاقتصادية والتي بنيت على أساس مبدأ القطاع العام، مضيفاً أن على الدولة دعم القطاع العام لمدة 20 عاماً، بدلاً من دعم القطاع الخاص وتسهيل عمله وتوفير التشريعات القانونية والمالية التي تدعمه وتنمي نشاطه»، مؤكداً أن من شأن هذه الإستراتيجية حماية المال العام والمشاريع الكبرى المنجزة والمحافظة على التوازن الاجتماعي في البلاد، ونقل البلاد بهدوء إلى اقتصاد السوق. من جهته، قال رئيس ديوان الرقابة المالية عبد الباسط تركي في محاضرته، إن «التردي الاقتصادي في البلاد، سببه غياب إدارة اقتصادية ذات بعد استراتيجي على مدى عقود، ويؤكد ذلك غياب البرنامج الاقتصادي من أجندات الكتل السياسية في الانتخابات المتعاقبة. وأشار إلى ضرورة إبقاء سيطرة الدولة على القطاعات الأساسية، ويأتي النفط في مقدمها، بعدما «تحول من سلعة إلى سياسة»، وكذلك قطاع البتروكيمياويات وقطاع تصنيع الأسمدة. وأوضح أن من شأن تلك القطاعات إعطاء زخم اكبر للاقتصاد العراقي، داعياً الحكومة إلى ترك العمل في كل القطاعات الأخرى للقطاع الخاص. وختم بأن العراق يواجه حالياً تحديات اقتصادية ضخمة، منها الفساد المستشري في أركان الدولة وارتفاع نسبة الفقر والبطالة، والسياسة المالية والنقدية، إضافة إلى تعويضات الحروب السابقة والتهديد الذي تتعرض له الأموال العراقية في الخارج، والتي سترفع عنها الحماية الدولية منتصف العام الجاري.