واشنطن - «نشرة واشنطن» - لا تختلف القواعد العامة لنجاح مشاريع الأعمال الصغيرة في العالم النامي عن تلك القائمة في العالم المتطوّر، لكن الفرق بين الاثنتين هو المستوى الأعلى بكثير من الطاقة والمثابرة المطلوبين من رواد الأعمال في الأسواق النامية، حيث العوائق المتعلقة بالمؤسسات الحكومية، وتلك المتّصلة بالبنية التحتية تكون دائمة ومُثبطة للهمة. وتتراوح هذه الحواجز بين الأنظمة الحكومية المرهقة والبنية التحتية الرديئة، وصولاً إلى ضعف فرض تطبيق القانون. ومثالاً على ذلك، أطلق الكيني ماثيو كئيلو مشروع معصرة لاستخراج الزيت من بذور دوار الشمس عام 2007، وكان عليه التغلّب على عقبات غير متوقعة. وكي يتجنّب استئجار مكان مرتفع في نيروبي، اختار قرية نائية لإنشاء مصنعه، لكن الأمر استغرق عشرة أشهر لتوصيل الكهرباء إليه، كما أن العنف الذي حصل بعد الانتخابات حال بينه وبين موردي البذور. واستطاع كئيلو الصمود عبر العثور على مُولّد كهربائي، وعلى مصادر بديلة لتأمين بذور دوار الشمس. وقال مؤسس «إي ستريت»، المؤسسة التي تشجّع ريادة الأعمال في نيجيريا، كنيي أليكس، ان القيام بمشاريع الأعمال في بلاده يتطلب قوة إرادة كبيرة. وينظر الكثير من صانعي السياسة وخبراء التنمية في الدول الغنية إلى ريادة الأعمال كطريقة لتأمين العمل الحرّ وخلق الوظائف في الأسواق التي لا تقدم سوى فرص محدودة للتوظيف في مقابل أجر، وفقاً لويم نودي من «جامعة الأممالمتحدة» في هلسنكي (فنلندا). وأوضح نودي ان ريادة الأعمال تسهّل صعود السلّم الاجتماعي، وتؤدي إلى تمكين المجموعات المهمّشة، مثل النساء أو المهاجرين. فالعمل الحرّ يكون أحياناً كثيرة الخيار الوحيد المتوفّر للشباب الذين يفتقرون إلى الخبرة والعلاقات الضرورية للحصول على وظائف في القطاع الخاص أو العام. وأشار الى أن إظهار المثابرة واكتساب الخبرة في ريادة الأعمال أكثر أهمية في الدول التي لا يكون مناخ الأعمال فيها مشجّعاً جداً. وقال: «على رواد الأعمال الناشئين، أن يحاولوا تكراراً كي ينجحوا بعد الفشل، وأن يصبحوا رواد أعمال على حلقات متعاقبة». ورأى ان الافتقار إلى الخبرة لدى الشباب يجعل من الصعب عليهم رؤية فرص الأعمال والاستفادة منها. ففي الولاياتالمتحدة أو بريطانيا، بإمكان رواد الأعمال الطموحين الاستفادة من برامج ريادة الأعمال والمقررات الدراسية التي نادراً ما تتوفر في الدول النامية. واضاف: «يفتقر الشباب في الدول النامية عادة إلى الضمانات الضرورية للحصول على قرض مصرفي، وهم أكثر تعرضاً إلى إتّباع مسارات غير سليمة وممارسة نشاطات غير مشروعة، فوجود موجّه مُخلص لديه بعض الخبرة أو المعرفة في مشاريع الأعمال يساعد في أحيان كثيرة». وأوصى رواد الأعمال المبتدئين بالمثابرة على الاتصال في ما بينهم، وبأن يتبادلوا قصص مشاريعهم. واشار المعيد في «جامعة جورج واشنطن» الأميركية أيمن الطرابيشي ان الأفضلية الأخرى لوجود شبكة اتصالات هي أن رواد الأعمال، أو خبراء الأعمال الآخرين، المحليين منهم أو الدوليين، قد يقدمون عناوين أساسية للاتصال بها أو يوفرون أشكالاً أخرى من الدعم لبعضهم، كما من الممكن لهؤلاء الموجهّين أن يصبحوا مستثمرين أو زبائن في النهاية. ويتيح الإنترنت المساواة في فرص النجاح بالنسبة لرواد الأعمال في الدول النامية، الذين يفهمون التكنولوجيا جيداً. والشباب منهم قادرون على الصمود عبر التصرّف بذكاء وحكمة في أحيان كثيرة. ويلجأ كثر إلى العثور على الرعاية من القطاع الخاص، أو ينشئون مشاريع أعمالهم من دون أي تسجيل حكومي. وقد يكون راعي المشروع من القطاع العام، كمسؤول حكومي يقدم الخدمات لرواد الأعمال الشباب. ويذكر ان غياب الموافقة الرسمية، أو سند الملكية أو العقد القابل للتنفيذ، يحدّ من قدرة مشاريع الأعمال الصغيرة على النمو، إذ إن غير الرسمي منها يتطلب رأس مال وتكاليف نقل أعلى ومشاكل تخزين أكثر وصعوبات أكبر في توظيف قوى عاملة من نوعية جيدة، كما تكون قدرتها أقل في تنفيذ العقود. وقال رائد الأعمال والأستاذ الزائر في كلية الأعمال «إيسادي» في برشلونة: «في حين تدرك الحكومات أهمية ريادة الأعمال بالنسبة للتنمية والنمو، فإنها بدأت ببطء في تخفيف الأنظمة والقيام بتنفيذ البرامج لدعم رواد الأعمال بوتيرة بطيئة». ولاحظ تغيّرات إيجابية في المواقف إزاء ريادة الأعمال في الأردن ولبنان والإمارات وباكستان. ويشير تقرير للبنك الدولي الى ان كازاخستان وطاجيكستان ورواندا وزامبيا وبيرو وفيتنام وكاب فيردي، كانت العام الماضي من بين الاقتصادات التي حسّنت بدرجة أكبر سهولة ممارسة الأعمال فيها.