دمشق، لندن- «الحياة» - أ ف ب - بعد يوم من قيام المتظاهرين السوريين في مدينة بانياس الساحلية بحمل صور رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بسبب انتقاده استخدام العنف ضد المحتجين، شنت صحيفة «الوطن» السورية الخاصة والمقربة من السلطات هجوماً على موقف تركيا من الحركة الاحتجاجية في سورية، معتبرة أن رد فعل أنقرة كان «متسرعاً وارتجالياً» وأن هذه الأحداث تشكل «امتحاناً» مصيرياً «للنموذج التركي». وكان مسؤولون أتراك قد أكدوا مراراً خلال الأيام الماضية أن تعامل الأمن السوري العنيف مع الاحتجاجات «لا يترك لأنقره من خيار سوى توجيه اللوم والنصائح» لدمشق كي تغير نهجها، محذرين من أن الاستمرار في اللجوء للعنف سيعقد الصورة أكثر في سورية. وقالت صحيفة «الوطن» حول الموقف السوري «منذ أن بدأت الأحداث الراهنة في سورية منذ أكثر من شهر، بدا الأداء الرسمي التركي متسرعاً وعلى قدر من الارتجال». وتابعت «بدا الوعظ الإصلاحي المتشاوف الذي قام به (رئيس الوزراء التركي) رجب طيب أردوغان من أكثر منصة ومنبر أوروبي، بدا مهندس العثمانية الجديدة (وزير الخارجية التركي) لأحمد داوود أوغلو قاصر الحيلة في استنباط حلول لاستعصاءات مفترضة في التعامل الصريح والواضح مع هذه الأحداث». وأكدت الصحيفة أن هناك تناقضاً في السياسة التركية «إذا كان الازدهار السياسي والاقتصادي الذي تنعم تركيا به الآن يدين إلى تاريخها العلماني وتصحيحات داود أوغلو الاستراتيجية، فإن تعاملها مع المسألة السورية على النحو الذي هو الآن من شأنه أن يدفع نموذجها نحو تموضعات جديدة تشير بأوصافها إلى تراجعه عن ذاته». وأضافت «مع تكشف طبيعة بعض فرقاء المعارضة السورية، ومنهم خصوصاً الإخوان المسلمين ومع اتخاذ مسؤولهم رياض الشقفة من إسطنبول كمكان يطل منه، ومع الدعوة لعقد مؤتمر للمعارضة السورية في إسطنبول أيضاً، بدا أن النموذج التركي يمر في أحد أكثر الامتحانات التي، ربما، سيتوقف على نتيجتها، مصيره». واعتبرت الصحيفة أن «لا لقاء بين النموذج التركي ونموذج الإخوان، تاريخياً ومفهومياً، على أن هذه الحالة يتم كسرها الآن من خلال التعامل مع الأحداث في سورية». وأشارت إلى أنها «المرة الأولى التي يظهر فيها النموذج التركي على علاقة، وربما في طريقه لتبني أكثر الحالات السياسية نقيضاً له ولتاريخه». ولفتت إلى انه «ليس من المؤكد ما إذا كان ذلك يعود إلى استيقاظات عثمانية ما قبل أتاتوركية، أو أنه أحد الحقول التشاركية مع الاستراتيجية الأميركية التي تعمل راهناً على إعادة إنتاج سلطات إسلامية غير جهادية ونظيفة السلوك تجاه إسرائيل لتتولى منظومة الدول العربية لعقود عدة قادمة». وبعد فترة من العلاقات السيئة بسبب دعم دمشق الانفصاليين الأكراد نسج البلدان منذ سنوات علاقات دبلوماسية واقتصادية وثيقة. وألغى البلدان تأشيرات السفر بينهما فيما ارتفع حجم التبادلات الثنائي إلى ثلاثة أضعافه في عشر سنوات فبلغت قيمته 5.2 مليار دولار عام 2010. وينسب هذا التحسن إلى العلاقة الشخصية جداً بين أردوغان والأسد اللذين يتبادلان الزيارات بكثافة. لكن هذه العلاقة قد تتدهور بعد أن بدت أنقرة محرجة أمام العنف الذي يمارسه الجيش السوري ضد المحتجين وقد وجهت دعوات متكررة للأسد بإجراء إصلاحات.