تكشف أعداد مقاتلي المعارضة الليبيين الجرحى الذين يتوافدون على مستشفى صغير في بلدة الذهيبة التونسية الحدودية عن حرب متصاعدة للسيطرة على الجبل الغربي في ليبيا. ومعظم الإصابات حدثت خلال معارك متلاحمة لصد قوات الزعيم الليبي معمر القذافي شرق بلدة الزنتان التي تسيطر عليها المعارضة. وقُتل 11 شخصاً في هذه المحاولة يوم السبت وحده ونشرت أسماؤهم في مخيم للاجئين يؤوي أسرهم في تونس. وقال جمال مغروب الذي كان ابن عمه بين القتلى «إنهم أبطال، إنهم مجاهدون». وكان يرتدي زياً عسكرياً ويعطيه وجهه الشاحب وجسمه النحيل مظهراً أكبر من عمره الحقيقي وهو 47 سنة. وتصاعد القتال في منطقة الجبل الغربي منذ أن سيطرت المعارضة الشهر الماضي على معبر الذهيبة الحدودي المؤدي إلى الأراضي التونسية مما فتح شرياناً جديداً للإمدادات. لكن سيطرتهم على الجبل الغربي ذي القمة المسطحة محفوفة بالمخاطر على أفضل تقدير ولا بوادر على إمكانية تقدمهم ضد قوات القذافي الأفضل تسليحاً. ويقول مقاتلو المعارضة ومسعفون ينقلون الجرحى عبر الحدود الليبية - التونسية إن الزنتان الواقعة على بعد نحو 150 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة طرابلس محاصرة من ثلاث جهات. أما خط جبهة القتال فهو متذبذب ووصل خلال الأيام القليلة الماضية إلى 15 كيلومتراً فقط من البلدة. وتسيطر قوات القذافي على أودية الصحراء ويطلق الجنود الصواريخ وقذائف المورتر على قمم الجبال. ويبدو القصف عشوائياً في معظمه وسقطت عشرات القذائف في الصحراء قرب الحدود التونسية وفي الذهيبة يوم السبت الماضي. واتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» التي تتخذ من نيويورك مقراً لها قوات القذافي بشن «هجمات عشوائية متكررة» على مناطق سكنية في بلدات نالوت وتاكوت والزنتان. وقالت أمس إن التقارير الواردة على ألسنة اللاجئين «تصف نمطاً من الهجمات يشكّل انتهاكاً لقوانين الحرب» بقذائف المورتر وقصف المساجد ومحطات المياه والمنازل ومدرسة كما وقع هجوم قرب مستشفى. وشاهد مراسل ل «رويترز» بعض الأدلة على هذا في نالوت التي تبعد 70 كيلومتراً عن حدود تونس حيث سقطت قذائف على واجهة منزل وعلى مسجد. وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش»: «يوحي نطاق الهجمات... بأن الحكومة لم تبذل جهداً ولم تحاول التركيز على الأهداف العسكرية». في نالوت جلست مجموعة من الرجال تنظر بنظارات مكبرة إلى مواقع لقوات القذافي قرب شبكة كهرباء في الوادي تمد البلدة بالطاقة. ويبدو أن القوات الحكومية اختارت هذا الموقع حتى لا تستطيع طائرات حلف شمال الأطلسي ضربها في تكتيك تكرر مراراً خلال هذا الصراع المستمر منذ شهرين. مصراتة وبالنسبة إلى الوضع في مدينة مصراتة المحاصرة شرق طرابلس، أفيد أن المعارك العنيفة تجددت منذ ظهر الأحد حيث دارت معارك على جبهات عدة أبرزها الأكاديمية العسكرية وطريق المطار في الجنوب وبورقية في الغرب. واستهدفت المدينة للمرة الأولى خلال أسبوع بقصف كثيف بقذائف الهاون وصواريخ غراد رداً على هجمات المتمردين. وأكد المتمردون انهم عززوا سيطرتهم على بورقية فيما تتركز المعركة في منطقة المطار. وقال عمر سالم (48 سنة) قائد العمليات: «نستعد للتقدم واحتلال المطار، هذا الأمر قد يحصل في أي لحظة». وأضاف: «لقد انتظرنا نحو أسبوعين لطرد جيش القذافي من محيط المدينة لمنع مواصلة قصفها». وأكد قائد آخر هو أحمد باسم أن «الجيش متمركز في المطار ومخازن الذخيرة موجودة في السوق التونسية على بعد خمسة كيلومترات جنوباً. نحتاج إلى أن يقصفها الحلف الأطلسي». وفي الميناء ما زال عمود الدخان الكثيف يرتفع فوق مستودع الوقود الذي تعرض لقصف صباح السبت. وقد سقطت قذيفة غراد صباحاً على أحد خزانات الوقود قرب الميناء وامتد الحريق الذي نجم عن الانفجار إلى الخزانات المجاورة. وبدأت تتشكل طوابير أمام محطات البنزين في المدينة خوفاً من نفاده. وفي أوسلو (أ ف ب)، أعلنت وزيرة الدفاع غريت فاريمو الاثنين أن النروج التي تشارك بعشر طائرات حربية من طراز «أف-16» في عمليات الحلف الأطلسي في الأجواء الليبية، ستخفض مستوى مشاركتها العسكرية إذا تواصل التدخل إلى ما بعد 24 حزيران (يونيو). وقالت فاريمو في مداخلة أمام البرلمان وأوردتها الوزارة على موقعها الإلكتروني «لقد ساهمت النروج بقوة في المرحلة الأساسية للعملية». وأضافت: «إذا واصل الحلف الأطلسي العملية إلى ما بعد 24 حزيران (يونيو)، فإن مساهمة محتملة للنروج ستكون أقل وذات طبيعة مختلفة عن طبيعتها اليوم»، مشيرة إلى أن بلادها ستواصل دعم تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1973. والنروج هي إحدى أولى الدول التي انضمت إلى العمليات العسكرية ضد ليبيا لفترة ثلاثة أشهر في البداية. وحتى اليوم، قامت الطائرات الحربية النروجية أف-16 المتمركزة في كريت، ب 315 مهمة وألقت ما مجموعه 289 قنبلة على أهداف متحركة مثل المدرعات، وأخرى ثابتة مثل مراكز قيادة أو مخازن أسلحة، بحسب وزارة الدفاع. وتقدّر كلفة هذه المساهمة ب 261 مليون كورون (33.2 مليون يورو) حتى اليوم.