رمت حكومة الإمارات بثقلها لإيجاد حلول لعشرات الآلاف من المواطنين العاطلين من العمل، سواء من خلال تشجيع القطاع الخاص على تشغيلهم أو دعمهم مادياً إلى حين الحصول على عمل. في وقت تركز القيادة العليا على حل مشكلة التركيبة السكانية التي تعتبرها أحد أسباب ارتفاع معدل البطالة. وقدّرت تقارير رسمية، عدد العاطلين من العمل في الإمارات بنحو 45 ألفاً، في بلد يُعتبر من أغنى دول العالم ومن أكثرها استقطاباً لليد العاملة، ما جعلها تعاني من خلل كبير في تركيبتها السكانية، إذ تتجاوز نسبة الوافدين 80 في المئة من عدد السكان. وأكد وزير العمل الإماراتي صقر غباش، إعداد دراسة قانون يسمح بتخصيص إعانات شهرية للعاطلين من العمل من المواطنين حتى تتوافر لهم وظائف. وأعلن بدء دراسة ترشيد استقدام اليد العاملة الماهرة من خارج الإمارات. وأشار نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس، إلى أن «التعامل مع تحدي التركيبة السكانية يمثل إحدى الأولويات الوطنية والتوجهات الأساسية في عمل الحكومة»، إضافة إلى «العمل على تمكين المواطن وجعله المحور الرئيس في عملية التنمية، إذ تعمل الحكومة وفق هذه التوجيهات على وضع منظومة متكاملة من المبادرات والسياسات الحكومية المنسقة وتنفيذها، والهادفة الى تحقيق التوازن السكاني، بالتوازي مع تنمية شاملة يستفيد منها المواطن في أرجاء الوطن». وعلى رغم ربط التركيبة السكانية بملف البطالة، أكد مسؤولون في الحكومة الاتحادية، أن غالبية المواطنين يفضلون العمل في القطاع الحكومي الذي لا يستوعبهم، في حين أن 80 في المئة من الوظائف المسجلة في وزارة العمل في القطاع الخاص «لا تجذب المواطنين نظراً إلى تدني مستويات المهارة وبالتالي الأجر. فيما لا تلقى نسبة ال20 في المئة المتبقية من الوظائف، ميلاً بالنسبة إلى كثر منهم، بسبب تدني الرواتب التي يحصلون عليها مقارنة برواتب القطاع الحكومي، فضلاً عن افتقارها للميزات التي يجدها الموظف المواطن في الوظيفة الحكومية». وأوضح غباش، أن وزارة العمل تعتزم اتخاذ «إجراءات سريعة لدعم مشاركة المواطنين في النشاط الاقتصادي، بعد حصولها على موافقة مجلس الوزراء على تخصيص 440 مليون درهم لتعزيز «صندوق خليفة لدعم التوطين»، إضافة إلى الخطط الطويلة المدى التي تعمل عليها الحكومة. وفي التفاصيل، كشف غباش عن حاجة سوق العمل إلى ترشيد استقدام اليد العاملة الماهرة، للتمكن من زيادة مشاركة المواطنين في القطاع الخاص، مشيراً إلى أن السياسات المفتوحة لاستقدام اليد العاملة الأجنبية ساهمت في زيادة المعروض منها، وانخفاض أجور وظائف كثيرة وشطبها من قائمة الوظائف المناسبة للتوطين. وأعلن بدء دراسة مشروع تنظيم منح تصاريح العمل الداخلية والخارجية لغير المواطنين، وإعادة «توجيه بوصلة استقدام اليد العاملة، وفق نظرة محورها المواطن». وأكدت مصادر حكومية ل«الحياة»، أن «استمرار السياسة الخاصة باستقدام يد عاملة أجنبية لفترة طويلة، ساهم في رفع معدل البطالة بين المواطنين، بسبب توجه الدولة إلى التنمية السريعة بعد ظهور النفط، بغية اللحاق ببقية الدول، وكان له الفضل في وصول البلاد إلى هذا التقدم». لكنهم لفتوا إلى أن اختلاف الواقع والحاجات حالياً، يدعو إلى إعادة درس سياسات استقدام اليد العاملة، في ضوء الخلل الذي عكسته في التركيبة السكانية، وتزايد سيطرة الأجانب على القطاع الخاص، مع توافد أعداد أكبر منهم بعدما فتحت الإمارات الأبواب على مصراعيها للمستثمرين من كل أنحاء العالم.