واشنطن - أ ف ب - في سن السبعين يتسلق بلاسيدو دومينغو السلالم ويتدحرج على الأرض، فيما صوته لا يزال يصدح مثيراً انتباه الحضور ودهشتهم. وعلى رغم التعب الذي بدا على وجهه، أدى دومينغو دور أوريستي في عرض «ايفيغينيا في توريس» في أداء كان بمثابة وداع لأوبرا واشنطن التي قادها المغني الإسباني على مدى 15 سنة. وقد غمرته السعادة مع وقوف الحضور مطولاً مصفقاً له ليل الجمعة - السبت على مسرح «واشنطن ناشيونال أوبرا» حيث سيترك في 30 حزيران (يونيو) منصب المدير العام الذي يتولاه منذ عام 2003، بينما كان مديراً موسيقياً له منذ العام 1996. وبالمناسبة سيؤدي التينور الإسباني على مدى ثماني أمسيات دور أوريستي في الأوبرا التي ألفها الألماني غلوك في باريس عام 1779. وسيقوم كذلك حتى 27 أيار (مايو) الجاري بإدارة أوبرا «دون باسكوالي» لدونيزيتي، لكن هذه المرة كقائد أوركسترا. ودور أوريستي مكتوب لصوت باريتون، لكن تم تكييفه ليتماشى مع صوت التينور، ويعود دومينغو من خلاله إلى الجذور بعدما ظن في بداياته في ال 18 من عمره انه يتمتع بصوت باريتون قبل أن توضح له دار أوبرا مكسيكو انه يتمتع بصوت تينور. وفي هذا العرض الذي تنتجه أوبرا اوفييدو (إسبانيا)، لا يبدو أن الدور المنوط به مريح جد لرجل سبعيني خضع قبل سنة لعلمية جراحية لاستئصال ورم سرطاني من القولون. فهو يطل على المسرح موثوقاً ليرميه حراسه أرضاً قبل أن تقدمه شقيقته افيغينيا أضحية للآلهة. إلا أن الشقيق الذي كان ضائعاً، والشقيقة يتعرفان إلى بعضهما البعض في اللحظة الأخيرة ويتحليان بالشجاعة للإفلات من قدرهما والانتصار على مضطهديهما. وترك دومينغو منصبه في أوبرا واشنطن، لا يعني انه ينوي الانسحاب من الساحة الفنية. فقد قال التينور الإسباني لصحيفة «واشنطن بوست» قبل أيام: «أغني طالما أني قادر على ذلك. لماذا ما زلت قادراً على الغناء؟ انه لغز كبير بالنسبة إلي»، ملمحاً في الوقت ذاته إلى أن وداعه النهائي للمسرح قد يأتي من دون سابق إنذار. وزاد: «أظن أنني يوماً ما سأشعر بأن كل شيء انتهى». إلا أن هذا الفنان الإسباني الكبير لم ينه مغامرته الأميركية بعد إذ سيبقى مديراً لأوبرا لوس انجليس حتى عام 2013. مسيرة دومنيغو الفنية مستمرة منذ اكثر من نصف قرن وقد غنى خلالها اكثر من 3500 مرة أمام الجمهور مؤدياً 134 دوراً وهو رقم قياسي لا ينافسه عليه أي تينور آخر. والأسابيع الأخيرة للفنان الإسباني على رأس الأوبرا الأميركية ستكون بمثابة مهرجان فعلي يحتفي به. فهو كرم أول من أمس في الحفلة الراقصة السنوية لأوبرا واشنطن التي أقيمت في القنصلية الصينية في واشنطن. والثلثاء الماضي حصل على جائزة من «اتلانتيك كاونسيل» وهو مركز دراسات في واشنطن بحضور نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لم يقاوم فرصة الربط بين دومينغو والحدث الكبير الذي سجل قبل يوم وتمثل بمقتل أسامة بن لادن على يد جنود نخبة أميركيين.