كان الفتى نوّار اختبر سرّ أبيه ايمن زيدان في «لقاء الأجيال» البرنامج الذي بثه «تلفزيون أبو ظبي» في أوقات سابقة. عمل واجتهد رغم حداثة سنه (19 سنة ) حتى أصيب قبل عامين بنوع نادر من السرطان، قاومه بالابتسامة والكتابة لأفلام تلفزيونية وسينمائية قصيرة، والعمل في بعضها ممثلاً، وكأنه دخل في سباق لا يرحم مع الزمن وقد تحرر من سطوة هذا المرض الفتاك دفعة واحدة. لم نشاهد بعد أياً من هذه الأفلام القصيرة التي كتبها نوّار أيمن زيدان، وأخرجها عمرو علي وهو شاب صغير في مثل سنه، لكن عناوينها تشي باختلاف ما. «عين الذئب» و»رائحة الموت» ربما يخفيان بعضاً من عوالم الفتى النفسية، وهو يحيد قليلاً عن عوالم الدراما السورية. الواضح أن نوار وعمرو أرادا عمل شيء مستقل، فأسسا ما أسمياه ب «خط السينما الجديدة» لإنتاج هذه الأفلام. كان بوسعهما انطلاقاً من المناخ الدرامي الصلب الذي وجدا نفسيهما فيه أن يؤسسا للعمل في الدراما التلفزيونية كما فعل مخرجون سوريون آخرون جاؤوا إليها من الأفلام القصيرة، لكنهما شاءا الاستمرار بالتجريب في عوالم سينمائية فتية بصرف النظر عن النتائج التي آلت إليها هذه الأعمال التي نفذاها معاً. اختبر نوّار سر التلفزيون من قبل، لكنه آثر أن يعمل على عالم خاص به، وأن يختبره بشغف الشبان الصغار الشجعان. وإذا كان المرض الفتّاك نال منه أخيراً، فإن ذلك لا يعني أن الشاب لم يكن يؤسس لكتابة وتوجه مختلفين عن عوالم الدراما السورية التي اجتذبت كثراً كانوا في مثل سنه. كان بوسع الفتى الدخول إليها من بوابات واسعة مستغلاً نجومية والده ومكانته في هذه الدراما، لكنه آثر التجريب واختبار قدراته في مكان آخر، لأنه كان يدرك على ما يبدو أن الدراما التلفزيونية السورية أصبحت بحاجة لمحاورة وكتابة من نوع مختلف حتى ولو جاءت على شاكلة أفلام تجريبية قصيرة «خانها» البعض وهو في طريقه للانضمام إلى قافلة المخرجين الدراميين. رحل نوّار زيدان مبكراً. ربما لم يكن «لقاء الأجيال» التلفزيوني هو من جاء به إلى عوالم الكتابة والتمثيل. ربما الصراع الذي تتشكل منه هذه الأجيال هو من دفعه إلى محاولة اكتشاف عوالم لا تشبه بالضرورة العوالم التلفزيونية المحكمة بإغلاق التي لا يغادرها أحد إلا في ما ندر. وإذا كان نوّار ترك صديقه ورفيقه في التجريب المخرج الشاب عمرو علي – مرغماً – على التواجد في ساحات تصوير مسلسل «الفاروق»، بحكم أن حاتم الأب هو من يخرجه، إلا أن هذا الأخير أطلق من المغرب قبل يومين من رحيل صديقه نوّار على صفحته في موقع «فايسبوك» ما يشبه نداء استغاثة عن سفر قريب إلى مصر «أم الدنيا» لمتابعة دراسة السينما هناك.