احتفلت بيروت الليلة ما قبل الفائتة باستقبال العام الجديد في أجواء رائعة، وكان قلبها على موعد مع سهرة فنية غنائية وموسيقية مجانية، فشهدت ساحة النجمة تجمعاً حاشداً لحضور الحفلة الفنية التي نظمتها بلدية بيروت بعنوان «Beirut Celebrates 2018»، حيث فاجأ رئيس الحكومة سعد الحريري المحتفلين بحضوره قبيل منتصف الليل. ولم تُثنِ الأمطار والبرد الناس عن الحضور، فحملوا المظلات وأخذوا يتمايلون ويغنّون احتفالاً بالعام الجديد. وقال الحريري من ساحة النجمة: «هذه هي حبيبتنا بيروت التي نريد أن نراها، هذه هي بيروت جوهرة الشرق الأوسط، وهذا هو لبنان، ونأمل بأن نرى كل لبنان على هذا النحو، وليس فقط بيروت. آمل بأن يكون الجميع سعيداً اليوم، وأنا فخور جداً بهذا الاحتفال برأس السنة، وإن شاء الله يكون ما هو قادم خيراً». مشهد الجماهير المحتشدة استحضر مشهد الساحة مقفرة نتيجة حال الجمود وإقفال العديد من المؤسسات السياحية خلال السنوات الماضية وتراجع النشاط فيها. وها هي بيروت، بطلب وإصرار من الرئيس الحريري على بلدية بيروت لإحياء هذا الاحتفال في ساحة النجمة وإنجاحه تعود إلى الحياة بزخم كبير، علّ المشهد ينسحب على بقية أيام السنة. وما كان نجاح هذا الاحتفال الضخم إلا دليل على أن هناك توجّها لإعادة إحياء وسط بيروت وإعادة النشاط إليه. وأكد رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني ل «الحياة» أن «عدد الحاضرين تخطى ال50 ألف بمشاركة سياح من أوروبا ودول الخليج». وقال: «هذا الاحتفال كان خطوة ضرورية لإعادة إحياء قلب بيروت الذي له تأثير إيجابي في الاقتصاد، وإن شاء الله ستبقى ساحة النجمة مفتوحة دائماً للجميع». ولفت إلى أن «هناك خطوة تشجيعية من مالكي العقارات في ساحة النجمة لتخفيض الإيجارات لتشجيع الناس على الاستثمار». وقال إنه سيجدد دعوته «أصحاب الأملاك إلى عدم تقاضي بدل لفترة معيّنة للمستأجرين إلى أن يتم تنشيط السوق». وأشار إلى أن البلدية عازمة على إقامة نشاطات ترفيهية في شكل دائم على أن لا يمر شهر من دون إقامة نشاط. وكانت السهرة الفنية مفتوحة على أصناف الطعام اللبنانية والأجنبية المتميّزة في أكشاك اندفع إليها حشد من المواطنين من المناطق كافة. واستخدمت في الحفلة تقنيات عالية لناحية الأضواء واللايزر والديكور، وشارك فيها عدد من الفنانين. ووجهت التحية مراراً من على المسرح إلى الرئيس الحريري. وما أن أعلنت الساعة قدوم العام الجديد، حتى أُطلقت المفرقعات النارية من ساحة الشهداء في عرض رائع أنار سماء العاصمة. وكانت التحضيرات انطلقت منذ فترة لإحياء سهرة رأس السنة في الساحة بتوجيهات من الرئيس الحريري، إذ شهد المكان استعدادات لوجستية مكثفة ليرتقي الحدث إلى مستوى العالمية. وفي تغريدة له، قال الحريري عبر «تويتر»: «الاحتفالات برأس السنة شهادة جديدة للأمان والاستقرار في لبنان. تحية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، ولكل من شارك في توفير الأمن والسلامة للمواطنين». وكان الحريري قام قبل الاحتفال بجولة شملت دار الأيتام الإسلامية في منطقة الطريق الجديدة وثكنة أميل الحلو في مار الياس وثكنة هنري شهاب في الأوزاعي ومقر فوج التدخل الثالث في المنارة ومقر فوج إطفاء بيروت في الكرنتينا، حيث اطلع على التدابير والإجراءات المتّخذة لحفظ الأمن والاستقرار في بيروت والمناطق. وتفقد الحريري والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وقائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي وعدد من كبار الضباط، غرفة عمليات قوى الأمن في ثكنة إميل الحلو. وأثنى على الجهود التي يبذلها ضباط وعناصر قوى الأمن، للحفاظ على أمن المواطنين والسهر على تحصين استقرار البلد، وقال: «النجاحات الأمنية التي حققتموها ترفع الرأس، ونعوّل على جهود العناصر الأمنية وسنؤمن كل الإمكانات لقوى الأمن الداخلي في المستقبل، وأنا لست متخوفاً على الاستقرار الأمني». وعن وداعه عام 2017 على أزمة سياسية، قال: «ليست هناك أزمة سياسية، لنتوقف عن مثل هذه الأقاويل، وكل الأمور يمكن أن تحل بالإيجابية. أنا متفائل دائماً، فمررنا بصعوبات أكبر بكثير وتمكنا من تخطيها». واستمع من الضباط المعنيين في ثكنة هنري شهاب، حيث كان في استقباله قائد الجيش العماد جوزيف عون وكبار الضباط والعسكريين، إلى شرح تفصيلي عن الخطط والتدابير الأمنية. وقال للضباط والعسكريين: «لدينا كل الثقة بالجيش اللبناني وبقائد الجيش لإنجاز هذه المهمة بنجاح، لأننا نرى بالفعل حرفية كبيرة جداً جنّبت البلد الكثير من المشكلات، وسمحت بإحلال الاستقرار الأمني، إلى جانب الاستقرار السياسي». وعن حل مشكلة المرسوم الذي أدخل الجيش في النزاع السياسي، أجاب: «الأمر ليس كذلك على الإطلاق. هذا موضوع سياسي لا أريد أن أفتحه هنا. هذا الموضوع قيد الحل، وهو موضوع سياسي نحلّه نحن كسياسيين. الجيش بعيد من السياسة، وأنا لا أقبل بأن يضع أحد أي قطاع عسكري في معمعة السياسيين. هذا الموضوع هو بين السياسيين ونحن نحله، وأنا أؤكد لكم أنه سيحل». ثم زار الحريري، يرافقه قائد الجيش، مقر فوج التدخل الثالث في منطقة المنارة، حيث اطلع على التدابير الأمنية التي ينفذها على طول الخط البحري والمناطق المحيطة. واستكمل جولته على المراكز الأمنية بزيارة المديرية العامة لأمن الدولة في منطقة الجناح، حيث كان في استقباله المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا وعدد من الضباط. واختتم جولته بزيارة مقر قيادة فوج إطفاء بيروت في الكرنتينا. ولدى مغادرته، قال: «أرفض زج المؤسسات الأمنية والعسكرية بالسياسة، والرئيسان ميشال عون ونبيه بري حريصان أيضاً على هذه المسألة». ورداً على سؤال، أجاب: «بدأت وساطة بين الرئيسين عون وبري بشأن مرسوم ترقية الضباط، وهناك تجاوب».