أحيت بيروت ليلة رأس السنة في شكل استثنائي أمس، فالاحتفالات بالمناسبة أرادها رئيس الحكومة سعد الحريري معبّرة عن التفاؤل بالمستقبل وفرح الحياة. ولهذا كان قلب المدينة على موعد مع سهرة فنية غنائية وموسيقية مجانية مفتوحة على مشهدية بصرية... على أصناف الطعام اللبنانية المتميّزة، اندفع إليها حشد من المواطنين من المناطق كافة. وكان الحريري دعا من ساحة النجمة حيث أُقيم الاحتفال، «الإعلام والجميع إلى أن يضعوا كل الخلافات الحاصلة جانباً لحل الأمور بطريقة سلسة»، مؤكداً أن «لبنان تخطّى في السابق ظروفاً أصعب من التي يشهدها». وقال: «أريد للناس أن يعيشوا، فهؤلاء هم اللبنانيون وهذا ما أراده الشهيد رفيق الحريري». وفاجأ الحريري مساء أول من أمس، منظمي الاحتفال للوقوف على آخر التحضيرات للاحتفالات التي انطلقت عند السادسة مساء أمس واستمرت حتى ساعات الفجر الأولى بمشاركة فنانين وموسيقيين، يتخللها عروض الإضاءة و الألعاب النارية ، إضافة إلى فقرات ترفيهية وموسيقية وسط إجراءات أمنية مشددة للجيش والقوى الأمن الداخلي. وكانت المطاعم في ساحة النجمة بدأت باستقبال الحجوزات قبل يومين من الاحتفالات. وسمح للمواطنين بركن سياراتهم في مواقف سوليدير مجاناً. وشهدت ساحة النجمة إعادة إحياء مباني الوسط من خلال عروض بصرية، مع بناء مجسم حول الساعة قدمت فيه الفقرات الفنية، فيما شكَّل سوق الأكل الذي أقيم في محيط أسواق بيروت مساحة لتناول الطعام. وقد تحوَّل وسط العاصمة إلى خلية نحل بعد توجيهات الحريري، إذ ربط المنظمون ساعات الليل بالنهار لإنجاز كل الترتيبات قبل موعد الاحتفال الحاشد. وكان الحريري اطّلع من المنسق العام للاحتفال عزّت قريطم على تفاصيل التحضيرات الجارية وسط حضور شعبي تحوّل إلى تظاهرة احتفاءً به، ووضعه في آخر التطورات الحاصلة، مؤكداً «جاهزية فرق عمل الشركة المنظمة «Its. Events» تحت إشراف بلدية بيروت لإخراج حفلة رأس السنة بما يليق بالعاصمة بيروت والصورة التي يريدها الحريري لها». وقال الحريري: «هذه ساحة النجمة التي كان يحب الرئيس الشهيد رفيق الحريري أن يراها بهذه الحيوية والحياة، وهذا لبنان الذي نحب أن نراه يستعيد عافيته، وأن يؤمن الناس بهذا البلد الرائع، وإن شاء الله غداً ننتهي من عام 2017 ونبدأ بعام حافل بالإنجازات». وأمل بأن «تستمر الحركة». وردّ الحريري على أسئلة الصحافيين بقوله: «إن إصرارنا على إقامة الاحتفال كان لإعادة ساحة النجمة إلى ما كان الرئيس الشهيد الحريري يحب أن يراها، بهذه الحيوية والحياة، هذا لبنان الذي نريد أن نراه وهو مستعيد عافيته». وتمنّى الحريري أن تنتعش ساحة النجمة من جديد»، داعياً «الناس إلى الحضور للمشاركة في هذا العرس». وعن الأزمة السياسية الحاصلة نتيجة مرسوم ترقية الضباط، أجاب: «البعض يريد تكبير هذا الموضوع، لكنه متعلّق بأمر واحد وأنا أعمل عليه، وكل الفرقاء سيصلون إلى حل. هذا الموضوع يحتاج للروية وأن يُحل بالتي هي أحسن، والأمور تحل ولا شيء يستعصي علينا. مررنا بقطوعات أصعب بكثير ولن نقف عند مرسوم». وعما قاله رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأن الحل هو توقيع وزير المال، قال: «لن أدخل في التفاصل وإن شاء الله الأمور تحل». احتفال بيروت أمس، جاء مشابهاً للاحتفالات التي تقيمها مدن كبرى في كل أنحاء العالم. لقاء مرتقب بين الحريري وبري يسبق جلسة مجلس الوزراء توقعت مصادر وزارية أن يقوم رئيس الحكومة سعد الحريري قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع بزيارة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري بحثاً عن مخرج للأزمة القائمة بين الأخير ورئيس الجمهورية ميشال عون حول مرسوم منح سنة أقدمية لضباط الجيش من دورة 1994 المعروفة باسم «دورة العماد عون». ولفتت المصادر الوزارية نفسها إلى أن الحريري باشر تشغيل محركاته في أكثر من اتجاه، في محاولة جادة منه لعدم إقحام مجلس الوزراء في جلسته الأولى من العام الجديد، في أجواء من التوتر والتأزم، على خلفية تباين الآراء بين الرئاستين الأولى والثانية حول مرسوم الضباط. وتوقفت المصادر هذه أمام ما نقل عن لسان الرئيس بري من أنه يضمن توقيع وزير المال علي حسن خليل على المرسوم فور إحالته إليه، وسألت عن رد فعل الرئيس عون على اقتراحه وما إذا كان يوافق عليه أم أنه باقٍ على موقفه السابق، المتمثل في أن المرسوم لا يحتاج إلى توقيع وزير المال بذريعة أنه لا يُرتب على خزينة الدولة مفاعيل مالية، وأن هناك أكثر من سابقة تؤكد أن مراسيم كانت صدرت في عهد معظم الحكومات السابقة التي شكلت بعد اتفاق الطائف ولم يوقع عليها وزير المال. وقالت المصادر عينها إن بري لا يزال يؤكد أمام زواره أن لا مشكلة مع المؤسسة العسكرية، وان المشكلة تكمن في الخلاف حول المسار الدستوري الواجب اتباعه لإصدار مرسوم الضباط، وأكدت أن «حزب الله» وحتى إشعار آخر ليس في وارد القيام بوساطة بين رئيسي الجمهورية والبرلمان، وان ما يهمه احترام الدستور والمؤسسات، ما يعني انه يدعم وجهة نظر حليفه بري لكنه ليس في وارد الدخول في سجال مع حليفه الآخر، أي عون.