استبعد نائب كردي عقد مفاوضات مباشرة بين حكومتي أربيل وبغداد قبل موعد الانتخابات العامة منتصف أيار (مايو) المقبل، فيما صادقت الحكومة الكردية على مشروع قانون يعيد أكثر من 100 بليون دينار إلى الخزينة العامة ضمن خطوات إصلاحية لتجاوز أزمتها المالية المتفاقمة. وستبدأ لجنة مشتركة من الحكومتين الأسبوع المقبل، عملية تدقيق لرواتب موظفين في وزارتين كرديتين على أن تقوم بغداد بصرفها لاحقاً، وذلك بعد أيام من اجتياح موجة تظاهرات غاضبة للمناطق الشرقية والجنوبية من إقليم كردستان احتجاجاً على أزمة الرواتب، مع تراجع غير مسبوق في واردات الحكومة الكردية. وقال النائب في البرلمان العراقي القيادي في «الجماعة الإسلامية» الكردية زانا روستايى ل «الحياة»، إن «المتغيرات في موقف حكومة العبادي تجاه الإقليم، تأتي على خلفية ضغوط تعرض لها، منها الاحتجاجات الغاضبة التي شهدها الإقليم أخيراً على أزمة الرواتب، كما مارس النواب الأكراد ضغوطاً لصرف الرواتب خصوصاً في الوزارات الخدماتية التي لا تحوم شكوك كثيرة حول وجود فساد في لوائح موظفيها كوزارتي الصحة والتعليم». وأشار إلى أن «العبادي يرفض حتى الآن البدء بالحوار، ويبدو أنه من خلال هذه الخطوة يحاول تجنب التعامل المباشر مع حكومة الإقليم». وزاد: «سبق أن طالبنا ككتل كردية بأن يتم دفع رواتب الوزارات غير المشكوك في لوائحها، على أن يتم التدقيق والتحقيق في اللوائح التي يشوبها الفساد في وزارات أخرى». وأوضح روستايي أن كل المؤشرات تشير إلى أن المفاوضات ستطول حتى موعد الانتخابات العراقية منتصف أيار المقبل، لأن بغداد ما زالت مصرة على شروطها المعلنة بتطبيق الدستور (تسليم المعابر والمطارات والإعلان رسمياً إلغاء نتائج الاستفتاء الذي خاضه الأكراد للانفصال)، في حين ترفض أربيل فرض شروط مسبقة وترى أن تطبيق الدستور يجب أن يتم بالحوار». ورأى أن «حكومة الإقليم فقدت ثقلها السابق، خصوصاً بعد انسحاب حركة التغيير والجماعة الإسلامية منها، وهذا ما جعل بغداد تتحدث بصيغة الطرف القوي». وفي شأن الموقف من ذهاب وفد من حزب «الاتحاد الوطني» إلى بغداد وما إذا كان يشكل تشتتاً للموقف الكردي، قال روستايي إن «الزيارة تأتي في إطار العلاقات الحزبية، لكن من شأنها أن تزيد من ضعف الموقف الكردي الضعيف أصلاً، ولن يكون لها الثقل المرجو في التعامل مع بغداد، في حين يتوجب أن يكون هناك تنسيق مسبق وأجندة واضحة ومحددة يتفق عليها الجميع قبل الخوض في زيارات كهذه». وأعلن نائب رئيس لجنة المال في برلمان الإقليم علي حمه صالح أن «لديه معلومات مهمة وسارة في شأن صرف رواتب عام 2018»، متحدثاً عن «عملية تدقيق في لوائح الأسماء تجرى حالياً». إلى ذلك، ذكرت مديرية تربية «شار بازير»، أنها «أعدت لوائح رواتب موظفيها وفق سقف الرواتب السابقة قبل تطبيق نظام الادخار الإجباري وقرار خفض الرواتب (المعمول به منذ عامين)»، مشيرة إلى أن «الحكومة الاتحادية طلبت اللوائح المذكورة، على أن تصرف عن شهر كانون الثاني (يناير) الجاري». وأكد مقرر لجنة المال في مجلس الوزراء العراقي محمد حاجي رشيد أن «الحكومة الاتحادية قررت صرف رواتب وزارتي التربية والصحة بعد عطلة رأس السنة». وباشرت الحكومة الكردية أولى خطواتها الإصلاحية للحد من تبعات أزمتها المالية المتفاقمة على وقع تراجع إيراداتها العامة، مع سيطرة الحكومة الاتحادية على آبار النفط في المناطق المتنازع عليها بين الجانبين وفرض حظر على مطارات الإقليم. وقال سكرتير مجلس وزراء كردستان آمانج رحيم في بيان إن «الحكومة صادقت على مشروع قانون يتألف من 20 مادة للإصلاح في مجالات رواتب الموظفين والمتقاعدين، سيمرر إلى برلمان كردستان للتصويت عليه، على أن يدخل حيز التنفيذ خلال 90 يوماً». ووفقاً للمشروع، ستتمكن الحكومة من استرداد أكثر من 100 بليون دينار إلى الخزينة العامة، بعدما تنظم الرواتب وتُنظّف من المخالفات وشبهات الفساد، وخفض رواتب ومخصصات المسؤولين وتقاعد الدرجات العليا.