تمتد جذور كرة القدم الكرواتية إلى منتخب يوغوسلافيا السابق الذي وصفه الأسطورة بيليه ب«برازيل أوروبا»، ومنها تخرج عاطفة ملتهبة للعبة الأكثر شعبية في العالم. خبر تأهل «الأحمر والأبيض» إلى مونديال 2014 بعد ملحق أوروبي على حساب أيسلندا، ضاهى في عام 2013 خبر اندماج البلاد مع الاتحاد الأوروبي. يحصل المنتخب على دعم كبير من جماهيره القليلة نسبياً (عدد السكان 4.4 مليون نسمة) في ظل أزمة اقتصادية أوصلت معدل البطالة إلى 19 في المئة. لاعبو منتخب «فاتريني» يمتلكون تقنية فائقة، موهبة طبيعية لا تنضب لكن يشوبها أحياناً غياب الواقعية والدقة. تلهم تشكيلة 2014 عشاقها بالانضمام إلى الفريق الأسطوري الذي أحرز المركز الثالث في باكورة مشاركاته في فرنسا 1998، مع هداف ريال مدريد الإسباني السابق دافور سوكر، صانع ألعاب ميلان الإيطالي زفونيمير بوبان والفنان روبرت بروزينيكي والجناح السريع روبرت يارني. تأسّس منتخب كرواتيا الحديث عام 1991، قبل قليل من تفتت يوغوسلافيا، لكنه صدم الجميع عندما أقصى ألمانيا بثلاثية في ربع نهائي 1998 قبل أن يسقط بصعوبة أمام فرنسا صاحبة الأرض، فحل ثالثاً على حساب هولندا، لكنه خيب الآمال في الدور الأول من نسختي 2002 و2006. بعد فترة المدرب ميروسلاف بلازيفيتش الذهبية، تراجعت كرواتيا في عهد المدربين ميركو يوزيتش وأوتو باريتش، أول مدرب مولود خارج البلقان، لكنها عرفت نهضة مع زلاتكو كرانيتسار وسلافن بيليتش. وعلى رغم غيابه عن جنوب أفريقيا 2010، وهي المسابقة الوحيدة إلى جنب كأس أوروبا 2000 يفشل بالتأهل إليها، يخشاه كثيرون عندما يكون في يومه. أجبر منتخب كرواتيا عشاقه على التقاط أنفاسهم حتى نهاية التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى مونديال البرازيل، فبعد بداية صارخة حقق فيها خمسة انتصارات وتعادلاً، حصد منتخب البلقان نقطة من أصل 12 بخسارتين على أرضه أمام أسكتلندا (صفر-1) وبلجيكا (1-2)، فاضطر لخوض الملحق. لن يكون الدور الأول نزهة للكروات وخصوصاً المباراة الافتتاحية أمام البرازيل المنظمة، إذ ستفتقد لماندزوكيتش هداف بايرن ميونيخ بطل ألمانيا، لإيقافه بعد نيله بطاقة حمراء في الملحق أمام أيسلندا، لكنهم يأملون بحجز بطاقة التأهل بالفوز على المكسيك والكاميرون، على رغم تفوق خصومهم عليهم بالتأقلم مع الأجواء الحارة والرطبة. كما ستفتقد كرواتيا المدافع يوسيب سيمونيتش بعدما ثبتت محكمة التحكيم الرياضي عقوبة إيقافه 10 مباريات، التي فرضها الاتحاد الدولي «فيفا» لاحتفاله بالتأهل بعبارات عنصرية. وأمسك سيمونيتش (36 عاماً و105 مباريات دولية) بمكبر الصوت، وردد عبارة «زا دوم» (إلى البيت) رد عليها الجمهور «سبريمني» (جاهزون)، استخدمها النظام الكرواتي الفاشي القريب من النازية إبان الحرب العالمية الثانية.