أقرت حكومة جنوب السودان و18 حزباً سياسياً في الإقليم تضمين دستور الدولة الوليدة المقترح منطقة أبيي المتنازع عليها مع الشمال. وفي وقت هددت قبيلة المسيرية العربية باجتياح المنطقة، طلبت الخرطوم من البعثة الدولية لحفظ السلام التدخل لاحتواء الأوضاع المتفجرة هناك. وشهدت منطقة أبيي أول من أمس سقوط قتلى وجرحى من قوات الجيش الشمالي وشرطة جنوب السودان. وكان الرئيس عمر البشير هدد قبل أيام بعدم الاعتراف بدولة الجنوب المنتظر إعلانها إذا تضمن دستورها منطقة أبيي التي شدد على أنها «شمالية وستبقى كذلك إلى الأبد». وقال نائب رئيس حكومة الجنوب سكرتير لجنة الدستور الجديد رياك مشار في مؤتمر صحافي في جوبا إن «الدستور الجديد شمل منطقة أبيي في حدود الدولة الجديدة». وكشف إقرار قيادة حزبه الدستور الجديد. وأقر بوجود تباين بين الأحزاب على محاصصة السلطة. ووافق رؤساء الأحزاب الجنوبية في جوبا على دستور دولة الجنوبالجديدة من دون إجراء أي تعديلات في المسودة التي أعدتها لجنة من حكومة الجنوب، وأقرت ضم أبيي إلى تعريف دولة الجنوب الوليدة، واعتمدت الفترة الانتقالية المحددة بأربع سنوات. واتفق المجتمعون على رفع الدستور لاجتماع مجلس الوزراء المرجح غداً ومن ثم إلى البرلمان، لكن رئيس كتلة المعارضة القيادي في «الحركة الشعبية - التغيير الديموقراطي» انوتي اديقو قال إن حزبه «ستكون لديه مواقف عند وصول الدستور إلى البرلمان وسيحاول توضيح مواقفه». وأضاف أنه «في حال الإصرار على تجاهل مواقفنا، فلن نعترف بالدستور، لاسيما أنه يمثل جهة واحدة، لكننا سنتعامل معه كأمر واقع فقط». واعتبر اجتماعات الأحزاب الجنوبية التي قاطعها حزبه «فاشلة»، خصوصاً أنها «لم تحدث تعديلاً في الدستور يستوعب أراء الأحزاب». في المقابل، أكد القيادي في قبيلة المسيرية العربية الحريكة عز الدين حميدة أن أبيي تعني لقبيلته «مصيراً لا يمكن التنازل عنه، ولن نفرط في شبر منها»، موضحاً أن «حديث حكومة الجنوب عن ضم أبيي في دستور الدولة الجديدة لا يعنينا». وأشار إلى أن «ضم أبيي إلى الجنوب بالقوة يعني الحرب». وأكد أن قبيلته «جاهزة للحرب، والجيش الجنوبي واجهناه في الميدان سابقاً ويعرف قدراتنا... إذا بدأت الحرب سنحسمها في ربع ساعة، إما أن نكون داخل الأرض شهداء أو ملوكاً لها». وناقش وزير الخارجية السوداني علي كرتي أمس مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان هايلي منكريوس مستقبل قوات الأممالمتحدة لحفظ السلام في السودان «يونيميس» والقضايا العالقة بين طرفي السلام. وطلب من الأممالمتحدة ممارسة مزيد من الضغوط على حكومة الجنوب في شأن «إيواء ودعم الحركات المتمردة في دارفور، ووقف التحرشات العدوانية في أبيي، وتطبيق الاتفاق الذي تم توقيعه في منطقة كادوقلي الشهر الماضي الذي يقضي بسحب الجيش الجنوبي من أبيي». أما منكريوس، فقال إن الأممالمتحدة «تقدر الجهود المبذولة لتحقيق السلام الشامل وتعمل مع الطرفين لمراقبة الحدود وتقليل مخاطر الاحتكاكات». وأضاف أن «الأممالمتحدة تدرك أن تمديد التفويض لعمل قوات يونيميس لا يتم إلا بموافقة الحكومة السودانية». وتعتبر أبيي من أكثر أماكن النزاع المرشحة للاشتعال قبل انفصال جنوب السودان المقرر في تموز (يوليو) المقبل، إذ يحشد الجانبان قوات وأسلحة ثقيلة في محيط المنطقة. وكان مقرراً أن يجري استفتاء في أبيي في كانون الثاني (يناير) الماضي ليقرر سكان المنطقة الانضمام إلى الشمال أو الجنوب، لكن خلافات في شأن من له حق التصويت عرقلت الاقتراع، كما تعثرت المحادثات في شأن وضع المنطقة. في سياق متصل، حذر زعيم «حزب الأمة» المعارض الصادق المهدي من أن «هناك أكثر من دليل على الانزلاق نحو الاحتراب بين شطري البلاد، أبرزها التصريحات من مسؤولين في الحزب الحاكم بأنه بعد انفصال الجنوب فإن الشمال سيكون منطقة انسجام ديني وثقافي تام ولا مجال لتعددية دينية وثقافية فيه، والتوتر الذي رافق الحملات الانتخابية في ولاية جنوب كردفان التي شملها اتفاق السلام، والعلاقة بين حملة سلاح في الجنوب والحزب الحاكم في الشمال، وحملة سلاح في الشمال والحزب الحاكم في الجنوب، إضافة إلى الموقف الغربي، لا سيما الأميركي، الذي يوالي الحزب الحاكم في الجنوب ويعادي الحزب الحاكم في الشمال». وقال المهدي في مؤتمر صحافي أمس إنه «إذا وقع تنافر بين دولتي الشمال والجنوب، فسيوظف الطرفان الجنوب الجديد والشمال الجديد لاستنساخ المشاكل القديمة نفسها بين الشمال والجنوب، وستؤدي المواجهات المتوقعة إلى إنتاج دولتين فاشلتين في أرض السودان، وتكون النتيجة أن اتفاقاً أبرم لتحقيق الوحدة والسلام حقق النقيض أي الانفصال والحرب».