هدد أمس الرئيس السوداني عمر البشير بأنه لن يعترف «أبداً» بدولة جنوب السودان الوليدة إذا تضمن دستورها الجديد أو خريطتها منطقة ابيي الحدودية الغنية بالنفط المتنازع عليها بين الشمال والجنوب. وأكد أنه «إذا ضمت منطقة أبيي إلى الدستور أو الخريطة، لن نعترف أبداً بهذه الدولة»، معتبراً أن «حدود دولة الجنوبالجديدة هي حدود 1/1/1956 (عشية الاستقلال).. وأي تغيير في الحدود معناه أننا لن نعترف أو نلتزم بالدولة الجديدة... أبيي جزء من شمال السودان مهما كانت التضحيات». ووعد البشير في لقاء جماهيري لدعم حملة مرشح «حزب المؤتمر الوطني» لمنصب والي جنوب كردفان أحمد هارون، بإعادة ولاية غرب كردفان التي ألغيت بعد اتفاق السلام الشامل، عقب إجراء الانتخابات في الولاية الشهر المقبل والانتهاء من استفتاء المشورة الشعبية للمنطقة التي شملها اتفاق السلام. وكان من المقرر أن يجرى في أبيي استفتاء على تقرير المصير في كانون الثاني (يناير) الماضي بالتزامن مع استفتاء جنوب السودان، عما إذا كانت المنطقة ستنضم إلى الشمال أو الجنوب، لكن النزاعات بين الجانبين في شأن من يحق لهم التصويت عرقلت الاستفتاء وتعثرت محادثات في شأن وضع المنطقة. وتنص مسودة دستور جنوب السودان على أن أبيي جزء من أراضي الجنوب. ورفضت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» الحاكمة في الجنوب تصريحات البشير ووصفتها بأنها «هراء» يستهدف تقويض اتفاق السلام الشامل الذي نص على إجراء استفتاء في ابيي على انضمامها إلى أي من الجانبين. وقالت نائب الأمين العام للحركة آن ايتو: «إذا كانت الخرطوم جادة في الاعتراف بالجنوب، يتعين عليها ألا تبحث عن سبل للتراجع عما قالته وألا تجعل الجنوب كبش فداء لعدم تسوية ابيي». ورفضت التعليق على مسودة دستور جنوب السودان. وقالت إن «الاستفتاء في ابيي لم يتم لأنهم لم يريدوه». ويخشى محللون من أن تعيد منطقة أبيي إشعال الصراع بين الشمال والجنوب ما لم تحل المشكلة، كما أظهرت صور التقطتها أقمار اصطناعية أن الجانبين حشدا القوات والأسلحة الثقيلة في هذه المنطقة التي تعاني نقصاً في التنمية، وهو ما أكدته الأممالمتحدة أيضاً. وخاض شمال السودان وجنوبه حرباً متقطعة منذ عام 1955 بسبب النفط والمشكلات العرقية والدينية. وأسفر الصراع عن سقوط نحو مليوني قتيل وزعزع استقرار معظم أجزاء شرق أفريقيا. واتهم قادة الجنوبالخرطوم بحشد قبائل المسيرية العربية وميلشيات مسلحة في منطقة أبيي الحدودية. ولم يحقق قادة الشمال والجنوب تقدماً يذكر في المحادثات في شأن عدد من الموضوعات من بينها كيفية تقسيم الديون والأصول والمقابل الذي سيدفعه الجنوبيون للخرطوم من أجل نقل النفط المنتج في الجنوب بعد الانفصال. إلى ذلك، ما زالت تداعيات إقالة الرئيس السوداني للفريق أول صلاح محمد عبدالله غوش من منصبه مستشاراً لشؤون الأمن القومي، تسيطر على الأجواء السياسية، خصوصاً أن إعفاءه جاء على خلفية خلاف علني نشب بينه وبين مساعد الرئيس نافع علي نافع، في شأن استراتيجية الحوار مع القوى السياسية المعارضة. وسارع عدد من قيادات «المؤتمر الوطني» الحاكم إلى الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام تنفي أي خلافات داخل الحزب أدت إلى إعفاء غوش، على رغم أن مستشار الرئيس السوداني للشؤون السياسية مسؤول ملف دارفور الدكتور غازي صلاح الدين قال في تصريحات إن للإعفاء «حيثيات داخلية لا أستطيع الإفصاح عنها»، لكنه أكد أن المستشار المقال «شخص فاعل في الحزب وسيظل فاعلاً في عضويته». ونقلت وكالة «رويترز» عن وكيل وزارة الخارجية الأميركية جوني كارسون قوله للصحافيين في واشنطن إن تعليقات البشير عن ابيي «ليست ذات فائدة على الإطلاق ولن تؤدي سوى إلى إذكاء التوترات وتصعيدها».