يحتفل الرئيس الأميركي باراك أوباما في الموقع المدمر لاعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 المعروف باسم «غراوند زيرو» في نيويورك اليوم، بقتل زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن في العملية التي نفذتها قوات كوماندوس اميركية خاصة في مدينة ابوت آباد الباكستانية الأحد الماضي. ويحضر الاحتفال ممثلون لعائلات ضحايا الاعتداءات، لكن في غياب الرئيس السابق جورج بوش الذي رفض دعوة للحضور، على رغم اشادة الجمهوريين بالعملية ما شكل حال تضامن نادرة مع جهود القيادة الديموقراطية للبيت الأبيض. وفيما تشكل المناسبة فرصة لتأكيد تزايد تأييد الأميركيين لأوباما بعد العملية وصولاً الى نسبة 56 في المئة، وهي الأكبر له منذ توليه الرئاسة مطلع 2009، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين رفيعي المستوى في ادارة أوباما قولهم إن «واشنطن ستحاول توظيف مقتل بن لادن لتسريع المفاوضات حول ايجاد تسوية مع حركة طالبان الافغانية تمهد لإنهاء الحرب في أفغانستان». وأعرب هؤلاء عن اعتقادهم بأن مقتل بن لادن سيُسهل «كسر» قيادة الحركة تحالفها مع «القاعدة»، وهو مطلب أميركي أساسي لأي تسوية، كما يساعد واشنطن في تكثيف ضغوطها على الحكومة الباكستانية وجيشها واستخباراتها لملاحقة عناصر التنظيم على أراضيها. ولا تزال باكستان تصرّ على نفي اتهام الغربيين لها بدعم بن لادن من خلال غض النظر عن اختبائه في مكان غير بعيد من أكاديمية عسكرية. وقال رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني: «لا يشير ذلك الى فشل الاستخبارات الباكستانية وحدها في مطاردة زعيم القاعدة، بل استخبارات العالم كله وبينها الاميركية». وأكد جيلاني أن بلاده تحتاج الى مساعدة من العالم أجمع لمواجهة الإرهاب، في وقت لوّح نواب في الكونغرس الأميركي بعد اجتماع مطول عقدوه مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي أي) ليون بانيتا بتجميد المساعدات والتي تتخطى بليون دولار سنوياً، بعدما «اثبتت تصفية بن لادن داخل اراضيها وهم تكريس باكستان نفسها لخدمة الولاياتالمتحدة». ويبدو ان الهدف الاول للأميركيين في باكستان بعد مقتل بن لادن هو الرجل الثاني في التنظيم ايمن الظواهري الذي اعلن بانيتا، انه «يتقدم بسرعة ليصبح العدو الاول الجديد للولايات المتحدة». ويعتقد خبراء بأن انشغال الظواهري بأمنه بعد العملية أخّر اعلان خلافته بن لادن على رأس التنظيم. لكن وكالات استخبارات غربية توقعت ان يقود رجل الدين الأميركي المتشدد اليمني الأصل أنور العولقي (40 سنة) هجوماً للإنتقام من مقتل بن لادن، بعدما أشرف في السنوات الأخيرة على عدد من المؤامرات الإرهابية الضخمة، مستفيداً من قدرته على الوصول إلى معدات متطورة لصنع قنابل يمكن إخفاؤها بسهولة، ويصعب على الماسحات الضوئية كشفها في المطارات، وكذلك من تحول اليمن، حيث يقيم حالياً، إلى دولة تعاني من اضطرابات سياسية عميقة. وبالفعل أصدر «تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» أمس، التهديد الواضح الأكبر بالانتقام لبن لادن. وقال احد قادته من معقله في محافظة أبين جنوب اليمن: «سننتقم لشيخنا أسامة، وسنثبت لأعداء الله ذلك، وسيرون ما لا يتوقعون، ولا تراجع عن إقامة الخلافة الإسلامية». وفي طهران (أ ف ب)، اعلن وزير الدفاع الايراني احمد وحيدي ان مقتل بن لادن يشكل «فشلاً ذريعاً» لواشنطن، وان قرار واشنطن القاء جثمانه في البحر يطرح تساؤلات عن صحة مقتله. لكن مسؤولين باكستانيين كشفوا إن ابنة لبن لادن في ال12 من عمرها أبلغتهم أن القوات الأميركية اعتقلت والدها حياً ثم قتلته خلال الهجوم، علماً ان وزير العدل الأميركي اريك هولدر اوضح ان تصفية القوات الأميركية بن لادن «اندرج ضمن الدفاع عن النفس بعدما رفض الاستسلام».