عقدت خلوة بين رئيس الجمهورية ميشال عون وبين البطريرك الماروني بشارة الراعي استمرت 20 دقيقة في مكتب الراعي، على هامش مشاركة عون في قداس الميلاد، وهي مشاركة تقليدية يقوم بها رئيس الجمهورية سنوياً. وكان الراعي استقبل عون في بكركي في حضور الكاردينال نصرالله صفير. وأوضح عون في دردشة مع الإعلاميين بعد الخلوة، أن «انتخاب المغتربين يعالج في الحكومة، وأن وزيري الداخلية والخارجية يبحثان الامر وهما في عداد اللجنة الوزارية». ولفت إلى أن «سنة الأقدمية التي أعطيناها للضباط (مرسوم الأقدمية لضباط دورة عام 1994) محقة، لأن الدورة كانت في 13 تشرين 1990 في الحربية، وكنت وقّعت دخولها، ولكيدية سياسية معينة أُرسل الضباط إلى منازلهم ليتم استدعاؤهم بعد سنتين، أي أنهم أصبحوا مع الدورة التي كانت بعدهم. حاولنا أن نرد اليهم نصف حقهم، ومنحناهم سنة أقدمية. إنها قضية محقة في الجوهر وكذلك في الأساس، ذلك أن المرسوم يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ولا يعمم. وإذا كان من اعتراض لأحد على ذلك فليتفضل إلى القضاء وسأكون مسروراً كرئيس للجمهورية إذا كسر القضاء قراري. هل تريدون مثولاً أمام القانون أكثر من هذا؟»، واصفاً الدورة التي كان فيها الضباط بأنها «دورة الانصهار الوطني». وحين قيل له إن هناك «خشية من ثنائية مارونية- سنية بسبب تجاوز توقيع وزير المال على المراسيم، وثمة من يعتبر أن ذلك يشكل خللاً ميثاقياً ودستورياً»، قال عون: «يمكن كل طائفة غير مستوفية حقوقها كاملة والبعض «دافش حالو» قليلاً أكثر، الاعتراض في مجلس الوزراء وفي المجلس النيابي، لأن الاعتراض في الصحف غير مفهوم (في إشارة غير مباشرة على اعتراض رئيس المجلس النيابي نبيه بري على موضوع الترقية). وأضاف عون: «هذا من ناحية المبدأ العام، أما من ناحية المبدأ الخاص المتعلق بوزير المال، فليس من عبء مالي يترتب على المرسوم المذكور لكي يوقعه. وزير المال يوقع كل مرسوم يرتب أعباء مالية على الدولة». وعن مسألة الثنائيات، قال: «فليطالب كل ذي حق بحقه. لم يمنع أحد من المطالبة لا في مجلس الوزراء ولا في المجلس النيابي، أما الكلام في الصحف فهو غير مقبول». وقال عون: «مضت سنة وبدأنا بالسنة الثانية. لا نريد أن نتحدث عما تحقق الآن. أنا راض عن ذلك، وإذا كان من أحد غير راض فليقل لي أين قصرت وأنا على استعداد لأسمعه». وعن موقع الحريات العامة في عهد عون، قال: «عددوا لي كم صحافياً في السجن أو حوّل إلى القضاء؟ أين هم الصحافيون الذين حولوا إلى القضاء من أجل الحرية؟ كم من صحافي حكم عليه؟» وقيل له: الزميل مارسيل غانم، فأجاب: «مارسيل غانم استدعي للشهادة، حتى أن بالإمكان استدعاء النائب الذي يتمتع بالحصانة إلى الشهادة من دون المس بحصانته». ورداً على سؤال قال: «من اليوم وصاعداً سيكون تصرفه مع القضاء، فإذا كان صحيحاً لن يتعرض له أحد، وعندما يكون التصرف مع القضاء غير سليم فسيكون هناك مسار إداري». الراعي: لبنان لا يتحمل التفرد بالسلطة ولا الإلغاء أو تقييد الحريات العامة أثنى البطريرك الماروني بشارة الراعي على ما تحقق خلال السنة الأولى من عهد رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون «بفضل حكمتكم وسديد قراركم، من إنجازات أساسية كانت تؤجل في الماضي سنة بعد سنة». وكان الراعي ترأس صلاة عيد الميلاد في كنيسة بكركي في حضور حشد سياسي في مقدمه الرئيس عون وزوجته. وقال الراعي: «إن فرح الأخوة والوحدة ينتظره اللبنانيون بشوق، ويتطلعون إليكم، فخامة الرئيس، وأنتم رمز وحدتهم بموجب الدستور، من أجل تحقيق هذه الوحدة الداخلية بين جميع الأفرقاء والمكونات السياسية. فالوحدة الوطنية ترتكز عندنا في لبنان على التنوع. لذا، تحتاج البلاد، إلى تضافر جميع القوى وفقاً للنظام الديموقراطي، ولمفهوم المعارضة وممارستها، على أن يكون الهدف المشترك تعزيز المصلحة الوطنية العليا على أسس الميثاق والدستور». ولفت إلى «أن لبنان، الذي يتميز بالتنوع الحزبي والديني والثقافي، لا يتحمل التفرد في السلطة وإشغال المناصب، ولا الإقصاء لمكون من مكوناته، ولا الإلغاء، ولا التقييد للحريات العامة التي يقرها الدستور (المقدمة ج)، ولكن ينبغي ضبط هذه الحريات وفقاً لأنظمتها والأخلاقية المهنية»، مشدداً على «أن التنوع والحرية توأمان في لبنان يشكلان فرح اللبنانيين». ورأى أن «الإنسان اليوم، الذي تنتهك كرامته، ويعتدى على جسده وحياته وصحته، ويمنع من حقوقه الأساسية، ويصبح سلعة للبيع والشراء، وهدفاً للقتل والتهجير والقهر، إنما يحتاج إلى بشرى الفرح التي أعلنت ليلة الميلاد. وإن اللبنانيين ينتظرون من فخامتكم ومن الدولة هذه البشرى. وأصبح ثلثهم تحت مستوى الفقر، وباتوا في معظمهم عاجزين عن تأمين حاجاتهم الأساسية من سكن لائق وطعام وكساء ودواء وتعليم وماء وكهرباء. وإن بشرى الفرح المنتظرة تأتيهم من الاستقرار السياسي والنهوض الاقتصادي، وتأمين فرص العمل والإنتاج لشبابنا الطالع والمتخصص ودعم المزارعين والصناعيين وتسويق إنتاجهم، وحماية حق الوالدين باختيار المدرسة التي يريدونها لأولادهم، ما يقتضي أن تدعم الدولة رواتب المعلمين فيها، والسهر بالتالي على ضبط أقساطها، وإلا خسرنا شيئاً فشيئاً ركناً أساسياً في لبنان هو المدرسة الخاصة المعروفة بانضباطها ومستواها العلمي». وتوقف الراعي في عظته عند مأساة النازحين من سورية والعراق وقال: «نتطلع بأمل إلى اليوم الذي يعودون فيه إلى بيوتهم وأراضيهم ووطنهم، حيث ينعمون بكرامتهم ويحافظون على ثقافاتهم، فيخففوا العبء عن لبنان واللبنانيين المرهقين أصلاً اقتصادياً ومعيشياً وإنمائياً». وتوقف عند مسألة القدسالمحتلة وقال: «يتجه فكرنا إلى الشعب الفلسطيني المتألم من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرامي إلى تهويد مدينة القدس المقدسة ونزع الصفة المسيحية والإسلامية عنها، متحدياً رغبة العالم كله وخصوصاً محبي السلام، وكأنه يريد أن يقضي على القضية الفلسطينية وحلها بإنشاء الدولتين». تقبل التهاني بعد القداس، تقبل عون والراعي التهاني من المشاركين في الذبيحة الإلهية. ولاحقاً، استقبل الراعي المهنئين ومنهم: تيمور جنبلاط الذي قدم التهاني باسمه وباسم والده النائب وليد جنبلاط واكتفى بالقول بعد اللقاء: «نتحدث في السياسة على السنة الجديدة». وتلقى الراعي اتصالات مهنئة أبرزها من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة.