الأرجح أن ملف أسلحة اليورانيوم المستنفد Depleted Uranium في العراق مرشّح لمزيد من التعقيد مع مرور الوقت، وليس العكس! ووفق دراسات عالميّة حديثة، تبيّن أن أشعة «ألفا» المنبعثة من العناصر المشعة، تملك تأثيراً فريداً يُسمّى بالإنكليزيّة The Radiation bystander effect. ولأن لا ترجمة عربيّة له حاضراً، اقترح كاتب المقال منذ بعض الوقت اعتماد مصطلح «التأثير بالجيرة» كموازٍ له في اللغة العربيّة. ويقصد بذلك أنّ تلك الأشعة لا تكتفي بإتلاف الخلية المتأثرة بها مباشرة، بل تؤثّر أيضاً على خليّة سليمة مجاورة لها، فتتلف، ثم تصبح مصدراً لتلف أخرى بجوارها وهكذا دواليك! ويستمر الأمر طويلاً، خصوصاً إذا عرفنا أن كل دورة زمنية لليورانيوم تقدر بقرابة 4.5 بليون سنة، وهي المدة المطلوبة كي يتخلّص الجسم من نصف الكمية التي أصابته! أكثر من المتوقّع في عام 1998 نشرت عالمة البيولوجيا الإشعاعيّة الأميركيّة آلكساندرا ميللر دراسة أنجزتها مع فريق علمي عمل تحت قيادتها، أشارت فيها إلى موضوع التعرّض لجرعة خفيضة من أشعة «ألفا». وبيّنت أنها تحْدِث تلفاً بيولوجيّاً في عدد كبير من الخلايا، يفوق ما كان متوقّعاً آنذاك. وفي 2003، توصّل فريق آخر قادته ميللر أيضاً إلى أدلة قويّة عن وجود عملية تأثير تنتقل من الخلية المتعرضة لأشعة «ألفا» مباشرة، إلى الخلايا المجاورة لها، على رغم عدم تعرّضها لتلك الأشعة بصورة مباشرة. ولم تكن قدرة أشعة «ألفا» على إحداث «التأثير بالحيرة» معروفة بالنسبة إلى اليورانيوم المستنفد، بل تعتبر العالِمة ميللر أول من لفت الإنتباه إليه. وبذا، بات العلماء يعلمون أن ذلك اليورانيوم المستخدم في أسلحة متطوّرة كثيرة، لا يكتفي بالتأثير البيولوجي المباشر على الجسم، بل يملك آثاراً أبعد غوراً تشكّل «ذراعاً» ثانية لتأثيرات تلك المادة المشعّة على أجسام البشر. وفي العراق، استُخدِمت أسلحة اليورانيوم المستنفد وقذائفه بكثافة، خصوصاً إبّان العزو الأميركي لبغداد في 2003. وما زالت تلك المواد تبث أشعتها المخيفة، من دون حلّ فعلي لإشكاليتها المتفاقمة.