وجهت روسيا انتقادات حادة أمس إلى حلف شمال الأطلسي، متهمة إياه بالإفراط في استعمال القوة وتخطي قرار مجلس الأمن حول ليبيا. كما شككت موسكو في رواية «الأطلسي» حول أنه لم يتعمد استهداف العقيد الليبي معمر القذافي، موضحة أن «تصريحات أعضاء الحلف القائلة إن غاراته على ليبيا لا تهدف إلى تصفية القذافي وأفراد عائلته، تثير شكوكاً كبيرة». كما كشفت روسيا أنها تلقت معلومات مفادها أن مشاريع بالتدخل البري يتم بحثها داخل «الأطلسي» والاتحاد الأوروبي، معربة عن استعدادها لمناقشة احتمال عملية برية «ولكن فقط في إطار مجلس الأمن». ويأتي ذلك فيما سعت بريطانيا إلى تخفيف الأضرار السياسية المترتبة على العملية التي قتل فيها أبن القذافي وثلاثة من أحفاده بحسب السلطات الليبية، موضحة أن «الأطلسي» لا يستهدف أفراداً وأن الضربات تتوافق مع قرارات الأممالمتحدة. وفي لهجة حادة قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن موسكو تدين «الإفراط» في استعمال قوات التحالف القوة في ليبيا، موضحة أن «تصريحات أعضاء الحلف القائلة إن غاراته على ليبيا لا تهدف إلى تصفية القذافي وأفراد عائلته، تثير شكوكاً كبيرة». وأضاف البيان أن «الأفراط في استعمال القوة يتخطى قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1973 الذي لا ينص بأي شكل من الأشكال على تغيير الحكم في ليبيا وقد تترتب عنه انعكاسات ضارة ومقتل أبرياء». ودعت روسيا إلى «الاحترام التام لقرارات المجتمع الدولي الخاصة بالنزاع الليبي وإلى وقف فوري لإطلاق النار وبدء تسوية سياسية من دون شروط مسبقة». وشددت «تتعامل موسكو مع التقارير عن الخسائر البشرية بين المدنيين بقلق متزايد». وقال قنسطنطين كوساتشيف العضو في البرلمان الروسي لوكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء إن الغارة دليل على أن الائتلاف الدولي لا يحمي المدنيين كما ينص قرار مجلس الأمن. وأضاف كوساتشيف الذي يرأس لجنة الشؤون الدولية في البرلمان: «تشير الحقائق إلى أن الهدف من الائتلاف المناهض لليبيا هو القضاء على القذافي». وتابع أنه «فوجئ تماماً بالصمت التام» من زعماء أميركا وفرنسا ودول غربية أخرى، مضيفاً «من حقنا جميعاً توقع تقييمهم السريع والتفصيلي والموضوعي للإجراءات التي يتخذها الائتلاف». وكانت روسيا التي تملك حق النقض امتنعت في 17 آذار (مارس) عن التصويت على القرار الدولي الرقم 1973 ما أتاح تبنيه وسمح بتدخل دولي عسكري في ليبيا وانطلاق الضربات الجوية. ومنذ ذلك التاريخ اتهمت موسكو مراراً الغربيين بانتهاك روح القرار ونصه. إلى ذلك أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ليل أول من امس أن روسيا مستعدة لمناقشة احتمال تنفيذ عملية برية في ليبيا ولكن فقط في إطار مجلس الأمن. وقال لافروف في مقابلة مع قناة التلفزة الروسية «تي في تي اس»: «انطلق من مبدأ أن العملية البرية لم يسمح بها مجلس الأمن الدولي. إذا كان احد يريد طلب تفويض مماثل، أهلاً وسهلاً، تفضلوا إلى مجلس الأمن الدولي لنناقش الموضوع». وأضاف: «نتلقى معلومات مفادها أن مشاريع كهذه يتم بحثها داخل الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي». وفي لندن دافع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن الغارات الجوية ل «الأطلسي»، مؤكداً أنها «تتوافق مع قرارات الأممالمتحدة». ورفض كاميرون الذي كان يتحدث في برنامج سياسي لمحطة «بي بي سي» البريطانية الحديث عن معلومات قال أنها «غير مؤكدة» حول مقتل سيف العرب القذافي. وأوضح كاميرون أن «سياسة الضربات المحددة للأطلسي وحلفائه واضحة تماماً» وهي «تتوافق مع قرارات مجلس الأمن 1973 وتجنب إيقاع خسائر في أرواح المدنيين وتستهدف آلة القذافي الحربية». وأضاف «أنها تستهدف بالتأكيد الدبابات وقاذفات الصواريخ ولكن أيضاً مراكز القيادة والاتصال»، مشدداً على أن «الأطلسي» لا تستهدف «أفراداً بعينهم» في ليبيا. وقال أليستير بيرت الوزير بوزارة الخارجية البريطانية امس إن لندن لا يمكنها تأكيد تقارير مقتل سيف العرب، موضحاً: «ليس لدينا تأكيد لذلك في الوقت الحالي. هذه ما زالت تقارير غير مؤكدة». وفي كركاس، وصف الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز وهو حليف قديم للقذافي هجوم «الأطلسي» بأنه محاولة اغتيال للقذافي نفسه، موضحاً: «ما من شك في أن أمراً صدر لقتل القذافي. لايهم من يقتل غيره... اقتلوا القذافي... انه قتل. إلى أي مدى سيحمي ذلك الشعب الليبي». وأضاف: «أطالب بوقف هذا الجنون وتلك السياسة والدبلوماسية التي تفرض وبألا نسمح لأنفسنا بأن ننساق وراء الامبراطورية الأميركية وحلفائها في العالم».