انتقدت روسياوالصين وصفهما ب «قوتين غريمتين» في استراتيجية الأمن القومي التي أصدرتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورأتا في الأمر «طابعاً امبريالياً» و «ذهنية حرب باردة». وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن «الطابع الإمبريالي لهذه الوثيقة يبدو جلياً، وكذلك رفض التخلّي عن عالم أحادي القطب، وعدم الترحيب بعالم متعدد الأقطاب، رفضٌ يتسم بالإصرار»، مشيراً إلى أن روسيا «لا يمكن أن تقبل بأن تُعامَل على أنها تهديد لأمن الولاياتالمتحدة». واستدرك ان «هناك نقاط ايجابية متواضعة»، مشيراً إلى «رغبة (واشنطن) بالتعاون مع روسيا في المجالات التي تتوافق مع مصالح الأميركيين». وأضاف: «هذا ينطبق أيضاً على مقاربتنا، لأن موسكو تسعى إلى التعاون مع الولاياتالمتحدة حيث يفيدنا الأمر». كما حضّت الناطقة باسم الخارجية الصينية هوا شونيينغ الولاياتالمتحدة على «التوقف عن تحريف متعمّد للنيات الاستراتيجية للصين، والتخلّي عن مفاهيمها التي عفا عليها الزمن، مثل ذهنية الحرب الباردة». وأضافت: «أي بلد أو أي تقرير يشوّه الحقائق أو يتعمد الافتراءات، لن يحقق نتيجة. الصين لن تسعى إلى تحقيق نموّها على حساب مصالح دول أخرى. وفي الوقت ذاته، لن نتخلّى عن حقوقنا الشرعية ومصالحنا». وكان ترامب حظي باستقبال حافل، في أول زيارة دولة له الى بكين في تشرين الثاني (نوفمبر)، وأشاد كثيراً بنظيره الصيني الرئيس شي جينبينغ. لكن هناك خلافات مستعصية بين الدولتين، لا سيّما في ملفات التجارة والنشاطات العسكرية الصينية في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، وتسليح الولاياتالمتحدةتايوان. كما سعى ترامب إلى علاقات دافئة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لكن السلطات الأميركية تحقق في «تدخل» موسكو بانتخابات الرئاسة، وفي احتمال «تواطؤها» مع حملة الرئيس الجمهوري. ووَرَدَ في استراتيجية الأمن القومي التي أصدرتها واشنطن، أن «الصينوروسيا تتحديان قوة أميركا ونفوذها ومصالحها، وتسعيان إلى تقويض الأمن والازدهار الأميركيَين، كما تريدان صوغ عالم يمثل نقيض قيم أميركا ومصالحها»، معتبرة أن البلدين «مصممان على جعل اقتصادَيهما أقلّ تحرراً وانفتاحاً وعلى تضخيم جيشيهما وعلى مراقبة المعلومات والبيانات من أجل قمع مجتمعيهما وتوسيع نفوذهما». وتضيف الاستراتيجية، وتتضمّن 68 صفحة، أن روسيا «تحاول إضعاف النفوذ الأميركي في العالم وإثارة شقاق مع حلفائنا وشركائنا»، محذرة من أن الأسلحة النووية الروسية هي «أضخم تهديد وجودي للولايات المتحدة». وتتابع: «عبر أشكال حديثة من أساليب التخريب، تتدخل روسيا في الشؤون السياسية الداخلية لدول في العالم». وتزيد: «تستخدم روسيا عمليات معلوماتية في إطار جهودها الهجومية عبر الإنترنت، للتأثير في الرأي العام العالمي. وتمزج حملاتها، ذات التأثير، عمليات المعلومات السرية وحسابات الإنترنت لأشخاص وهميين، بوسائل إعلام تمولها الدولة ووسطاء من طرف ثالث ومستخدمين مأجورين لمواقع التواصل الاجتماعي». وتتهم الاستراتيجية الصين ب «تقويض أمن» الولاياتالمتحدة و «ازدهارها»، وبالسعي إلى «إزاحتها» من آسيا - المحيط الهادئ، وتشكو سرقتها بيانات ونشرها «ملامح لنظامها الاستبدادي». وتضيف: «بعكس آمالنا، وسّعت الصين نفوذها على حساب سيادة آخرين». ولم ترِدْ عبارة «تغيّر المناخ» في الاستراتيجية، ولم تُعرَف بصفتها «تهديداً للامن القومي» الأمر. ووَرَدَ فيها أن «الولاياتالمتحدة ستبقى قائداً عالمياً في خفض التلّوث التقليدي وكذلك الغازات المسببة للاحترار، مع ضمان نموّ اقتصادنا». واعتبر ترامب أن الولاياتالمتحدة «تواجه قوتين غريمتين هما روسياوالصين، الساعيتين إلى النيل من نفوذ أميركا وقيمها وثروتها»، مستدركاً أنه يرغب في إقامة «شراكات كبرى» معهما. وأضاف: «دخلنا عصراً جديداً من المنافسة. في كل قرار، في كل إجراء، نضع أميركا أولاً. سمع العالم أجمع الرسالة ورأى العلامات الأولى لها: أميركا عائدة وبقوة». وأعلن أن الولاياتالمتحدة تريد أن تتخذ باكستان إجراءً حاسماً للمساعدة في محاربة التطرف، معتبراً أن لا «خيار» أمام واشنطن سوى مواجهة التحدي الذي يمثله البرنامجان النووي والصاروخي لبيونغيانغ. وذكر أن معلومات لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي اي) في شأن هجوم إرهابي على كاتدرائية في سان بطرسبورغ، مسقط رأس بوتين، حالت دون سقوط «آلاف» من القتلى. واضاف: «هكذا يجب أن تكون الأمور. ولكن فيما نسعى إلى فرص التعاون تلك، سنبقى داعمين لأنفسنا ولبلدنا أكثر من أي وقت». ويُلزم الكونغرس كل إدارة أميركية وضع استراتيجية للأمن القومي. وقال مسؤول شارك في إعداد الاستراتيجية إنها تأثرت بشدة بأفكار أبرز مسؤولي الأمن القومي في البيت الأبيض، لا بأفكار ترامب. وأفادت وكالة «رويترز» بأن برقية غير سرية للخارجية الأميركية اعتبرت أن «روسيا تحاول إضعاف الصدقية في الالتزام الأميركي تجاه أوروبا»، وتزيد: «بغزوها لجورجيا وأوكرانيا، أظهرت روسيا استعداداً للجوء إلى القوة لتهديد سيادة الدول في المنطقة». وفي سياق التوتر بين موسكووواشنطن، أعلنت شركة البرمجة الروسية «كاسبيرسكي لاب» التي تُعنى بالأمن الإلكتروني، أنها استأنفت أمام محكمة فيديرالية أميركية قراراً أصدرته وزارة الأمن القومي الأميركية بمنع استخدام منتجاتها في شبكات إلكترونية حكومية، معتبر أنه غير دستوري.