عُثر في أستراليا على متحجّرات تعود إلى نحو 3,5 بليون سنة، تشكل أقدم بصمة لكائنات مجهرية معروفة على الأرض، كما أكد علماء، مرجّحين أن تكون الحياة على الكوكب أقدم من ذلك بكثير. وبالنسبة إلى هؤلاء الباحثين، تدفع هذه الأعمال المنشورة أول من أمس في العدد الأخير من حوليات الأكاديمية الأميركية للعلوم، إلى الاعتقاد بأن الحياة منتشرة في الكون، أقله على شكل كائنات مجهرية. وبفضل تقنية القياس الطيفي للكتلة، رصد باحثون من جامعتي كاليفورنيا وويسكنسن البصمات الكيميائية ل11 كائناً جرثومياً تنتمي إلى 5 أنواع، من بينها أصناف مشابهة لتلك الموجودة اليوم. وقال الأستاذ المحاضر في الجيوكيمياء وعلم الصخور في جامعة ويسكنسن والقيّم الرئيس على هذه الأبحاث، جون فالي، إنه «أول أقدم موقع في الكوكب نجد فيه بصمة مورفولوجية وكيميائية في الوقت عينه». وأضاف: «اكتشفنا أيضاً وجود أنواع من العمليات الاستقلابية وأصناف مختلفة مع وظائف بيولوجية مختلفة، فالبعض منها ينتج الميثان والبعض الآخر يستهلكه أو يستخدم الطاقة الشمسية للتمثيل الضوئي». ووفق الباحثين، كان الميثان يشكل جزءاً كبيراً من الغلاف الجوي للأرض اليافعة التي كانت تنهمر عليها المذنبات باستمرار وحيث كان الأوكسجين نادراً أو معدوماً. وبعض هذه البكتيريا المنقرضة اليوم كان ينتمي إلى سلاسة العتائق (البكتيريا القديمة)، وهي سلالة من الكائنات المجهرية الأحادية الخليّة المعدومة النواة، في حين أن البعض الآخر منها كان شبيهاً بالأنواع الجرثومية التي لا تزال موجودة. وتدفع هذه الدراسة إلى الظن أن بعض الكائنات المهجرية التي ذكرت للمرة الأولى عام 1994 في مجلة «ساينس» مع وصف شكلها الدائري والخيطي، عاشت في فترة لم يكن فيها أوكسجين على الأرض. وصرّح فالي: «كانت تلك الكائنات البالغ عرضها 0,01 ميليمتر تشكل فئة من الكائنات المجهرية المتطورة جداً ولم تكن من دون شك من أوائل الكائنات الحية». وتنوع أنواع الجراثيم التي كانت موجودة على الكوكب قبل 3,5 بليون سنة هو «مؤشر إلى أن الحياة بدأت قبل ذلك بكثير على كوكبنا. ويؤكد لنا أيضاً أنه من الصعب جداً لأنواع حياة بدائية أن تتطور لتتحول إلى كائنات مجهرية أكثر تقدّماً»، وفق الأستاذ المحاضر في علم أحياء العصر الحجري القديم في جامعة كاليفورنيا وليام شويف الذي شارك في هذه الأبحاث. وهو يعتبر أن هذه الدراسة، وغيرها أيضاً من الأبحاث، هي خير دليل على أن الحياة منتشرة في الكون. وقد رجحت دراسات صدرت سنة 2001 تحت إشراف طاقم فالي أن يعود تشكل محيطات المياه السائلة إلى 4,3 بليون سنة، أي قبل ب800 مليون سنة من المتحجّرات التي كانت محور هذه الأبحاث الأخيرة، وبعد ب250 مليون سنة تحديداً من تشكل الأرض. وأشار فالي إلى «أننا لا نملك أي دليل مباشر على وجود حياة قبل 4,3 بليون سنة، لكن لا يمكننا أيضاً استبعاد هذه الفرضية».