شهدت سورية يوماً دامياً جديداً أمس مع مقتل 50 شخصاً على الأقل وإصابة المئات خلال تظاهرات تضامن مع مدينة درعا، بعدما شارك عشرات الآلاف من السوريين في تظاهرات عمت معظم المدن، وخصوصاً العاصمة دمشق التي شهدت اكبر تظاهراتها منذ بدء الاحتجاجات، وبانياس ودير الزور والرقة وحمص والقامشلي ومناطق اخرى ذات غالبية كردية. وتزامن ذلك مع توقيع الرئيس الاميركي باراك أوباما أمراً تنفيذيا يفرض عقوبات على خمس شخصيات في النظام السوري بينهم اثنان من اقارب الرئيس بشار الاسد ردا على الحملة ضد المحتجين، ومع ادانة مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة استخدام دمشق المفرط للقوة مع المتظاهرين المسالمين واتخاذه قراراً بفتح تحقيق في حوادث القتل، في حين يتجه الاتحاد الاوروبي بدوره الى فرض عقوبات على سورية. ميدانيا، شهدت منطقة درعا محاولات من بلدات وقرى الجوار لفك الحصار عنها، لكن المتظاهرين الذين حملوا الطعام والماء الى اهالي المدينة واجهوا رصاص الجيش فقتل منهم 35 على الاقل وجرح العشرات. وقال مصدر طبي إن مستشفى قريباً من مدينة درعا، استقبل وحده 16 جثة مثخنة بالرصاص، وهي لقرويين تعرضوا لنيران قوات الامن لدى محاولتهم دخول المدينة التي تشهد اوضاعاً إنسانية صعبة. وأكد مصدر في «مستشفى طفس»، على مسافة 12 كيلومتراً شمال غربي المدينة، لوكالة «رويترز»، أن المستشفى استقبل 38 مصاباً آخرين من القرويين. وقال أحد شهود العيان: «أطلقوا النار على الناس عند البوابة الغربية لدرعا في منطقة اليادودة، على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من وسط المدينة». وفي دمشق، قال نشطاء حقوقيون إن حوالى عشرة آلاف شخص شاركوا في مسيرة لدعم درعا في منطقة الميدان القديمة. وأضافوا أن التظاهرة بدأت من الميدان والمناطق المحيطة به ثم تزايدت، الى ان فرقتها قوات الامن، التي اطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين حول «مستشفى المجتهد» قرب «ميدان الأمويين» الرئيسي. وقتل تسعة اشخاص في مدينة حمص والمناطق المجاورة لها، بحسب ما افاد ناشط حقوقي، بينما نقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الداخلية ان ثلاثة من عناصر الشرطة بينهم ضابط قتلوا بالرصاص أمس بيد «مجموعات ارهابية متطرفة» في حمص. اما في بانياس، فتظاهر حوالى عشرة آلاف شخص، وفي دير الزور (460 كلم شمال شرقي دمشق)، قال الناشط في حقوق الإنسان نواف البشير ل «فرانس برس»، إن تظاهرتين قُمِعتا «بالهراوات وكابلات الكهرباء»، موضحاً انهما خرجتا من مسجدي الفاروق والعثمان قبل ان تفرقهما قوات الامن. وفي المنطقة التي يشكل الأكراد غالبية سكانها شمال سورية، تظاهر حوالى 15 ألف شخص في القامشلي وثلاث بلدات مجاورة بحسب رديف مصطفى، رئيس اللجنة الكردية لحقوق الانسان والناشط حسن برو. من جهة ثانية قال ناشط في درعا ان هناك 83 جثة في مشارح موقتة في المدينة بينهم اطفال ونساء قتلوا برصاص الجيش. وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، اعلن مسؤول في البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما وقع أمراً تنفيذياً بفرض عقوبات على خمس شخصيات ومؤسسات سورية او موجودة في سورية تشمل تجميد أرصدتها في الولاياتالمتحدة ومنع أي تعاملات معها عبر مصارف أميركية أو مواطنين أميركيين. وشمل القرار كلا من قائد اللواء الرابع في الجيش السوري ماهر الأسد (شقيق الرئيس السوري)، مدير الاستخبارات العامة علي المملوك، والمدير السابق لدائرة الأمن السياسي في محافظة درعا عاطف نجيب، الى جانب مؤسستي الاستخبارات السورية العامة والحرس الثوري الاسلامي (فيلق القدس). كما حظر أيضا بيع قطع أجزاء طائرات لدمشق. وأكد المسؤول أن الرئيس بشار الأسد ليس مشمولا بالعقوبات المستهدفة، لكنه قال أنه قد يتم «ادراجه لاحقا اذا ستمرت حملة القمع». ويموجب العقوبات يتم . وتمثل هذه الخطوة التصعيد الأكبر من ادارة أوباما في وجه الحكومة السورية منذ بدء الاحتجاجات وجاءت بعد استشارات مطولة مع الاتحاد الأوروبي وتركيا وأستراليا. وتوقعت مصادر أميركية رسمية خطوات مماثلة من دول أوروبية في الأيام المقبلة. وفي جنيف، دان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سورية أمس لاستخدامها المفرط للقوة مع المحتجين وأمر بفتح تحقيق في حوادث القتل. وفي بروكسيل قال مسؤول رفيع عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أمس إن أعضاء الاتحاد اتفقوا على الحاجة إلى تحرك ضد سورية بما في ذلك فرض عقوبات محتملة. وسئل بيار فيمون الأمين العام للسلك الديبلوماسي في الاتحاد الأوروبي عن إمكان فرض الاتحاد عقوبات على سورية، فقال: «أعتقد ان هناك توافقاً كبيراً بين الأعضاء على الحاجة إلى تحرك»، فيما أعلنت الحكومة الألمانية قطع الاتصالات مع الحكومة السورية، ووقوفها ضد ترشح دمشق لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وعلى الصعيد الانساني، أستمر هروب عائلات سورية الى لبنان وتركيا والاردن خوفاً من تصاعد أعمال العنف. وقالت وكالة انباء الاناضول ان قوات الامن التركية اعترضت نحو 250 سوريا حاولوا دخول تركيا عبر الحدود بين البلدين. وذكرت الوكالة ان المواطنين السوريين وبينهم نساء واطفال قدموا من قرى تقع عند الجانب الاخر من الحدود هرباً من الاضطرابات السياسية الدامية. وعند معبر البقيعة الترابي على الحدود السورية - اللبنانية عبر امس المزيد من العائلات السورية نحو الاراضي اللبنانية، لكن بوتيرة اقل بكثير من اول من امس الذي سجل وصول مئات المواطنين السوريين الى منطقة «وادي خالد».