تواصل السياحة المغربية انتعاشها التصاعدي للعام الثالث على التوالي، مدفوعة بارتفاع كبير في أعداد الوافدين الأجانب، وتحسن في الإيرادات المقدّرة بنحو 60 بليون درهم (نحو 6.4 بليون دولار)، وزيادة في حركة النقل الجوي وخدمات الفنادق. وأفاد «المرصد المغربي للسياحة»، بأن المغرب «استقبل نحو 10 ملايين زائر في الأشهر العشرة الأولى من السنة، بزيادة 9 في المئة عن نسبتها قبل سنة. واحتل الفرنسيون المرتبة الأولى ليبلغ عددهم 1.35 مليون سائح، تلاهم الأسبان 575 ألفاً، ثم البريطانيون 403 آلاف والألمان 268 ألفاً. وزاد أيضاً عدد السياح الإيطاليين والبلجيكيين والهولنديين. وتراوح تطور السياحة الأوروبية نحو المغرب بين 5 و28 في المئة في عودة قوية للسياحة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وجعل المغرب الوجهة السياحية الثانية بعد تركيا في المنطقة والأولى في القارة الأفريقية. وساهمت زيادة الرحلات الجوية عبر المحيط الأطلسي في ارتفاع عدد الوافدين من شمال القارة الأميركية. وأظهرت الإحصاءات أن المواطنين الأميركيين الذين زاروا المغرب حتى نهاية أيلول (سبتمبر)، «بلغ 250 ألفاً بزيادة 23 في المئة. ويُعتبر المغرب الوجهة السياحية الأولى للأميركيين في شمال أفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط. وتضاعف عدد السياح من الصين واليابان وكوريا الجنوبية والبرازيل. كما ارتفع عدد السياح العرب في الاتجاهين بعد تنامي العلاقات التجارية والثقافية، وإطلاق رحلات جديدة نحو بيروت وأبو ظبي ودبي وجدة والقاهرة. وبلغ عدد السياح المغتربين غير المقيمين 4.7 مليون شخص، تقيم غالبيتهم في دول الاتحاد الأوروبي ويحملون جنسية بلد الإقامة. وانعكس أداء السياحة الدولية جيداً على قطاع الصناعة الفندقية، إذ زاد عدد ليالي المبيت 15 في المئة إلى 19 مليون ليلة فندقية، وتطوّرت حركة المطارات المغربية 19 في المئة في الدار البيضاء و12 في المئة في مراكش. وكشف «المرصد المغربي للسياحة»، أن «نفقات السياح تجاوزت 59.3 بليون درهم (نحو 6.4 بليون دولار)، بعدما كانت تقدر ب56 بليوناً في الفترة ذاتها من العام الماضي بارتفاع نسبته 5.3 في المئة». ويُتوقع أن يفوق عدد السياح 11 مليون نهاية السنة. وتراهن الصناعة السياحية في مراكش وأغادير وطنجة على الأسبوعين الأخيرين من السنة، لتحقيق أرقام قياسية في الخدمات الفندقية. وتستأثر تلك المدن على نحو 70 في المئة من مجموع ليالي المبيت المسجلة في الفنادق المغربية. كما تستفيد طنجةوالدار البيضاء من سياحة رجال الأعمال وتوقف الرحلات البحرية العابرة للمحيطات. وتراهن الرباط على انتزاع حصتها من السياحة الدولية عبر بناء فنادق عصرية فاخرة جديدة، ودخول شركات عالمية مثل «ماريوت» التي افتتحت أخيراً فندقاً من 186 غرفة في وسط العاصمة، و «فارمونت» على ضفاف نهر أبي رقرار و «ريتز كارلتون». وتستفيد العاصمة من استثمارات بقيمة 10 بلايين دولار لجعلها «مدينة الأنوار» قبل نهاية العقد الجاري، بعد استكمال مشاريع مهيكلة مثل بناء مسرح عالمي بكلفة بليون دولار، وبرج العاصمة بارتفاع 50 طبقة بكلفة 400 مليون دولار، واستكمال المرافق المجاورة لكورنيش البحر على طول 25 كيلومتراً. وهي مشاريع يشارك في تمويلها صندوق «وصال» الذي تساهم فيه صناديق سياحية خليجية. وتشير مصادر مطلعة إلى أن الفترة المقبلة، قد تشهد تطوراً متواصلاً في السياحة الدولية نحو المغرب بفعل عودة النمو في أداء اقتصادات منطقة اليورو من جهة، وتحسن صورة شمال أفريقيا وخصوصاً المغرب وتونس، في بورصة السياحة العالمية. وكانت السياحة المغربية التي يعمل فيها نحو نصف مليون شخص، وتمثل 7 في المئة من الناتج الإجمالي وأحد أهم مصادر النقد الأجنبي، تضرّرت من تداعيات الربيع العربي. وتراهن الرباط على استقطاب 20 مليون سائح بحلول عام 2020 وعائدات بنحو 14 بليون دولار، وتكون ضمن 20 وجهة سياحية عالمية. لكن يبدو أن تلك الأهداف مرشحة للتأخير بضع سنوات أخرى، بسبب ما تحملته المنطقة من تراجع في حركة السياحة في الفترة التي تلت انتفاضة «الياسمين» في تونس في كانون الأول (ديسمبر) 2010، والتي كلفت شمال أفريقيا خسائر اقتصادية تعادل نحو 10 نقاط من الناتج الإجمالي الإقليمي.