بنغازي، لندن - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - شهدت مدن يسيطر عليها الثوار في غرب ليبيا تصعيداً في حدة المعارك مع قوات العقيد معمر القذافي الذي تحدثت الحكومة الليبية عن «نجاته» من قصف جوي شنّه حلف شمال الأطلسي (ناتو) على مقره الضخم في باب العزيزية في طرابلس. ودمّرت الغارة الأطلسية مكتباً للقذافي في مبنى تردد أنه استقبل فيه قبل أيام وفد قادة الاتحاد الأفريقي الذي جاء للتوسط في الأزمة الليبية. وعرض التلفزيون الليبي لقطات للقذافي بعد الغارة وهو يستقبل وفوداً وشخصيات رسمية ليبية، في حين قال إبنه سيف الإسلام إن غارات «الناتو» لا تخيف سوى الأطفال وإن الغرب لا يمكنه أن ينجح في ليبيا لأنه يعتمد على خونة وعملاء. وأكد رئيس فريق إدارة الأزمة في المجلس الوطني الانتقالي الليبي محمود جبريل، خلال لقاء مع صحافيين في الكويت، ثقته ب «انتصار» ما وصفها ب «ثورة زهرة الصبار» وهي زهرة صحراوية ليبية. وقال إن الورقة التي يعمل عليها نظام العقيد القذافي حالياً تكمن في شن «قصف تدميري» ضد مصراتة ومدن الجبل الغربي التي ينشط فيها الثوار. وأوضح جبريل الذي يوصف بأنه «رئيس وزراء» الثوار أن النظام يريد من خلال القصف الكثيف لمصراتة والجبل الغربي تحقيق أمرين، أولهما أن ينجح في السيطرة على المنطقتين حتى يدعو بعد ذلك إلى إقامة نظام فيديرالي، كما كان ذلك في الماضي (قبل توحد أقاليم ليبيا الثلاثة في دولة واحدة)، أما الهدف الثاني من استمرار القصف فهو أن نظام القذافي يريد أن يؤدي ذلك الى تدخل عسكري بري أجنبي حتى يستغل ذلك ليدعو الليبيين إلى مكافحة المستعمر. وقال: «إننا حذرنا الدول الغربية من أن ليبيا غير قابلة للتقسيم، كما حذرنا من الوقوع في أساليب النظام الهادفة إلى تقسيم ليبيا». ولفت إلى أن نظام القذافي «بدأ الآن يلعب بورقة الحرب بين القبائل». لكنه أضاف: «لا أعتقد أن الأمور ستتحول الى حرب أهلية. هناك نظام يقتل شعبه في شكل ممنهج، وهناك مجتمع دولي يحاول حماية المدنيين فينجح مرة ويفشل مرة أخرى». وجاء كلام جبريل في وقت أوردت وكالة «رويترز» من أديس أبابا أمس أن وزير الخارجية الليبي عبدالعاطي العبيدي وممثلين اثنين للمعارضة الليبية يجرون محادثات منفصلة مع مسؤولين في الاتحاد الأفريقي لبحث إيجاد حل للأزمة الليبية. وقال رمضان العمامرة مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي ل «رويترز»: «ستكون هذه هي المرة الأولى التي يحضرون (أي المعارضين) فيها اجتماعاً هنا. سنلتقي مع الجانبين واحداً بعد الآخر». ويمثل المعارضين في المحادثات الزبيدي عبدالله وهو سفير سابق لدى جنوب أفريقيا وبوجلدين عبدالله وهو سفير سابق لدى أوغندا. ورفضت المعارضة الليبية في وقت سابق خطة للاتحاد الأفريقي لوقف القتال في ليبيا لأنها لم تتضمن رحيل معمر القذافي وأبنائه. وعلى صعيد الوضع الميداني، نقلت تقارير عن شهود أن ما لا يقل عن 30 شخصاً قُتلوا في قصف عنيف شنته قوات القذافي على مصراتة، شرق طرابلس، بعد يومين من إعلان حكومة طرابلس أن قوات الجيش ستنسحب منها تمهيداً لتسليم الوضع فيها إلى قبائل المنطقة. كما تحدث لاجئون فارون من منطقة الجبل الغربي الليبية عن قصف عنيف تقوم به قوات القذافي في محاولة لطرد الثوار الذين يتشبثون بمواقع في مدن أمازيغية نائية. وسمحت سيطرة المعارضين على معبر ذهيبة - وازن على الحدود الليبية - التونسية الأسبوع الماضي للاجئين بالهرب في سيارات وسيراً على الأقدام على طول الطرق الصخرية مما أدى الى زيادة أعداد اللاجئين في جنوبتونس الى نحو 30 ألف شخص. ونقلت «رويترز» عن لاجئ يدعى عماد نقل أسرته من مدينة القلعة الواقعة في قلب منطقة الجبل الغربي: «مدينتنا تتعرض لقصف مستمر من جانب قوات القذافي. إنهم يستخدمون كافة الوسائل. الجميع يفرون». وتمتد منطقة الجبل لمسافة تزيد على 150 كيلومتراً من جنوبطرابلس غرباً وحتى تونس ويقطنها الأمازيغ الذين يختلفون عرقياً عن معظم الليبيين وتنظر اليهم الحكومة بعين الشك. وقال رجل فر من يفرن إحدى أكبر مدن الجبل الغربي التي تقع على بعد نحو 120 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس: «النيران التي شهدناها بالأمس لا بد أن تكون قتلت العشرات». لكن الرجل قال إنه لم ير بنفسه أي ضحايا قبل فراره. ولم تقر حكومة القذافي باستيلاء المعارضة على معبر ذهيبة الحدودي وهو أصغر من معبر رأس جدير الواقع إلى الشمال منه، وتقول إن المعارضين المسلحين يختبئون في كهوف الجبال. وقال أحد المعارضين: «نحن مستعدون لمعركة جديدة... نتوقع منهم أن يحاولوا استعادة هذه النقطة الحدودية المهمة لكننا لن نتخلى عنها أبداً».