مصراتة (ليبيا) - أ ف ب - يقول مفتاح المقيتي (45 سنة) إنه أمضى «خمسين يوماً مع عائلتي في منزلي الذي أحاط به قناصة» العقيد معمر القذافي، معرباً عن سعادته لأنه حر وما زال على قيد الحياة بفضل تقدم الثوار في مصراتة التي تعرضت الأحد لمعارك عنيفة. وفي شارع طرابلس حيث كان خط الجبهة حتى الجمعة، سمح تقدم المتمردين الذين استعادوا جزءاً كبيراً من المدينة لكنهم يواجهون مقاومة عنية من القوات الحكومية، بتحرير السكان الذين حوصروا في بيوتهم منذ عشرات الأيام. فالقناصة الموالون للقذافي يقتلون أو يتربصون بأي شخص يمر، كما يقول شهود ومعارضون. وقال المقيتي: «في البداية كنا نأكل ما تبقى في المنزل. ثم نفد كل شيء. وبما أن كل المنازل في شارعي ملتصقة ببعضها البعض فتحنا فجوات في الجدران للانتقال من منزل إلى آخر للحصول على مواد تموينية». وكان البيت الأخير في الشارع في مرمى القناصة، لذلك تولى أحد «الشجعان» كل يوم بالتطوع لجلب الطعام تحت الرصاص، على حد قول المقيتي الذي أضاف أن «ستة من الجيران قُتلوا برصاص رجال القذافي». أما مصباح المنصوري (25 سنة) وهو من جنود الزعيم الليبي أسره الثوار، فقال إن رجال القذافي تلقوا تعليمات تقضي «بقتل كل من يمر في الشارع حتى النساء والأطفال». ورأى أن معسكر القذافي «يخسر» في مصراتة وأن معنوياته «منهارة». وفي حي الزوابي في نهاية شارع طرابلس، يطوّق حوالى مئة متمرد ببعض الفوضى ولكن بحماسة عدداً مماثلاً من رجال القذافي في مبنى من ثلاث طبقات، كما قال صحافيون من وكالة «فرانس برس». وأوضحوا أن المباني المحيطة بالموقع متضررة والشارع تغطيه أنقاض والرصاص الفارغ. ودوّت انفجارات صواريخ وإطلاق نار من رشاشات ثقيلة من دون توقف ظهر الأحد. وأصيب المبنى بالقذائف التي أحدثت فيه فجوات. وقال أحد قادة الثوار طاهر باش آغة إن الأمر «سيستغرق بعض الوقت لكن أعتقد أن الأمور ستكون على ما يرام وستتحرر مصراتة نهائياً إن شاء الله». وأضاف: «إنها المجموعة الأخيرة (من جنود القذافي) في المدينة». لكن ثواراً آخرين لم يتمكنوا من تأكيد هذه المعلومات. وتابع باش آغة أن «هؤلاء الجنود كانوا في المستشفى العام في مصراتة» الذي كان مقر قيادتهم منذ أسابيع ثم طردوا منه بعد معارك عنيفة السبت وليل السبت - الأحد أودت بحياة 28 شخصاً. وقاطعته هتافات «الله أكبر» قبل أن تتقدم سيارة مكشوفة تحمل رشاشاً ثقيلاً روسي الصنع مثبتاً بألواح معدنية، باتجاه القوات الحكومية لقصفها من جديد. وتطوق المنزل سيارات مماثلة متضررة وتغطيها ثقوب أحدثها الرصاص وتحمل مدافع قديمة مضادة للطيران أو رشاشات ثقيلة. وبعد إطلاق النار الكثيف يهاجم المتمردون المبنى. لكن في جدار منزل مجاور فتح القناصة ثغرات صغيرة لوضع فوهات بنادقهم. ويطلق الموالون للقذافي النار في شكل كثيف بينما يتقدم أحد المتمردين يبلغ من العمر 19 سنة لإلقاء قنابل يدوية، لكنه يصاب بالرصاص ويقتل فينقله رفاقه. والأجواء مناسبة لانتشار الإشاعات أيضاً. فقد قال طبيب لوكالة «فرانس برس»: «أعرف ضابطاً في قوات القذافي طلب مني إجلاء عائلتي لأن القذافي أمر بإطلاق صواريخ على مصراتة الاثنين أو الثلثاء».