كشفت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن التحقيقات مع المتهمين ال302 في كارثة سيول جدة والمحالين إلى الجهات المختصة أظهرت أن المتهمين كان هدفهم الأبرز هو «جمع الأموال» بأي طريقةٍ كانت، وأوضحت أن الاتهامات الموجهة إليهم هي مخالفة نظام مباشرة الأموال العامة، ومخالفة نظام المناقصات الحكومية وإساءة استخدام السلطة الإدارية. وأكدت المصادر أن هناك تهماً أخرى وجهت لبعض المتهمين أبرزها غسل الأموال، واستلام الرشوة، والتزوير، والتسبب في إتلاف الأموال العامة، خصوصاً وأنه وُجد في أرصدة بعض المتهمين مبالغ مالية ضخمة. وشملت التحقيقات التي تضمنتها مرحلة جمع المعلومات استجواب أمينٍ سابق لمحافظة جدة، ورياضيٍ معروف، ومديرٍ سابق لفرع وزارة خدميّة، وكاتب عدل، وعددٍ من وكلاء أمانة جدة، ومهندسين، ورجال أعمال شاركوا في عمليات الرشوة وغيرها من التهم الأخرى. وأضافت المصادر أن الرشوة هي الجريمة الأكثر توجيهاً للمتهمين، وهي في العادة المطلب، لأن غاية مخالفة النظام أو الجناية هي النفع الذي يعود على الشخص. وأعلن مصدر مسؤول لدى وزارة الداخلية في وقتٍ سابق إحالة 302 شخص و30 شركة ومؤسسة ومكتباً استشارياً إلى الجهات المختصة للتحقيق معهم وتحديد مسؤوليتهم الجنائية والإدارية عن فاجعة السيول التي ضربت المدينة الساحلية في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 وأسفرت عن 132 قتيلاً ومئات الجرحى وتدمير أكثر من 10 آلاف منزل. وقال المحامي وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً الدكتور إبراهيم الأبادي إن نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي ذكر في مادته الأولى أن كل موظف عام طلب لنفسه، أو لغيره، أو قبل أو أخذ وعداً أو عطيةً لأداء عمل من أعمال وظيفته، أو يزعم أنه من أعمال وظيفته، ولو كان هذا العمل مشروعاً، فيعتبر مرتشياً ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 10 أعوام، وبغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يؤثر في قيام الجريمة تجاه قصد الموظف إلى عدم القيام بالعمل الذي وعد به. وأشار إلى أن المرتشي يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا النظام من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد في حق موظف عام ليحصل منه على قضاء أمرٍ غير مشروع، أو ليحمله على اجتناب أداء عمل من الأعمال المكلف بها نظَاماً. وحول جريمة إساءة استخدام السلطة التي اتهم بها الأشخاص، أوضح الأبادي أنه «إذا كان استغلال النفوذ يعني استخدامه للحصول على منفعة أو غاية، فإنه يتفق مع غالبية جرائم الوظيفة العامة، فيما يتعلق بالمقابل الذي يحصل عليه المستغل لنفوذه، ولهذا نجد أن هذه الجريمة متداخلة مع جرائم الوظيفة خاصة الرشوة». وأضاف أنه يحكم على من تثبت إدانته بالتعويض المناسب لمن أصابه ضرر برد المبالغ التي أخذت بغير وجه شرعي إلى أربابها، وفي ما يتعلق بجريمة التزوير التي اتهم بها المذكورون، كشف الأبادي أن كل من قلد بقصد التزوير الأختام والتواقيع الملكية الكريمة، أو أختام السعودية، أو توقيع أو خاتم رئيس مجلس الوزراء، وكذلك من استعمل أو سهل استعمال تلك الأختام و التواقيع مع علمه بأنها مزورة، يعاقب بالسجن من خمس إلى 10 سنوات، وبغرامة مالية من خمسة آلاف إلى 15 ألف ريال. ولفت إلى أن من زور أو قلد خاتماً أو ميسماً أو علامةً عائدة لإحدى الدوائر العامة في السعودية أو للممثليات السعودية في البلاد الأجنبية، أو خاصة بدولة أجنبية أو بدوائرها العامة، أو استعمل أو سهل استعمال التواقيع أو العلامات أو الأختام المذكورة، يعاقب بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات وبغرامة من ثلاثة آلاف إلى 10 آلاف ريال، مشيراً إلى أنه إذا كان مرتكب الأفعال الواردة في المادتين الأولى والثانية من هذا النظام أو المشترك فيها موظفاً عاماً أو ممن يتقاضون مرتباً من خزينة الدولة العامة يحكم عليه بأقصى العقوبة. وتطرق الأبادي إلى عقوبة غسل الأموال، مشيراً إلى أن هذه الجريمة تتضمن إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات، مع علمه بأنها ناتجةٌ من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي، ونقل أموال أو متحصلات أو اكتسابها أو استخدامها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها، مع علمه بأنها ناتجة من نشاطٍ إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي، موضحاً أن عقوبتها في حال ثبوتها على المتهم السجن 10 أعوام، وبغرامة مالية لا تزيد على خمسة ملايين ريال ، أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع مصادرة الأموال والمتحصلات والوسائط محل الجريمة. وعن جريمة التعدي على الأموال العامة والذي يحكمه نظام وظائف مباشرة الأموال العامة، أوضح الأبادي أنها تتعلق مباشرة بحفظ الأموال النقدية والأعيان المنقولة والطوابع والأوراق ذات القيمة، وتشمل هذه الوظائف أمناء الصناديق ومأموري الصرف ومحصلي الأموال العامة وأمناء مستودعات الموجودات المنقولة المعدة للاستعمال أو الاستهلاك المباشر ومن يقوم بأعمال مماثلة، مشيراً إلى أن من يخل بها يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 10 سنوات أو بغرامة لا تزيد على 100ألف ريال أو بهما معاً. يذكر أن مصادر مطلعة أكدت في وقتٍ سابق، أن وزارة العدل تناقش تخصيص قضاة في محكمتي جدة الجزئية والعامة استعداداً لاستقبال ملفات محاكمة المتهمين في كارثة سيول جدة، بعد الانتهاء من التحقيقات التي تجري حالياً مع المتهمين، وأن العدد قد لا يتجاوز ثلاثة قضاة في كل من المحكمتين الجزئية والعامة، للنظر في القضايا التي ستحال إليهم في حال رأت ذلك هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام الموكلة إليهما مهمة التحقيق.