في أيلول (سبتمبر) المقبل ستعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة تعلن فيها بغالبية ساحقة الاعتراف بدولة فلسطين ضمن حدود 1967. حدود فلسطين من البحر الى النهر، واليهود الأشكناز سرقوا بلاداً من أهلها بتواطؤ الدول التي ارتكبت المجزرة ضد اليهود في المانيا وغيرها أو تغاضت عن ارتكابها لندفع نحن الثمن. واليوم يقبل الفلسطينيون دولة في 22 في المئة من أرضهم، فلا يقبل الاحتلال، وتعلن الدول الغربية موقفاً، وتعمل في الخفاء لدعم إسرائيل حتى مع وجود حكومة فاشستية عنصرية تضم عصابات جريمة لا أحزاباً سياسية، ويقودها إرهابيون لا سياسيون. لا أرى تغييراً كبيراً على الأرض بعد إعلان دولة فلسطين، وإنما استمراراً للاحتلال والتدمير والقتل بتواطؤ غربي، خصوصاً أميركي، ثم أترك المستقبل للمنجمين وأتحدث عما أعرف، فأقول ان زيارة اليهود باراك القادمة لواشنطن ستفشل لأنه مجرم حرب لا يريد السلام. تسريبات «ويكيليكس» التي نشرتها «واشنطن بوست» عن موقف إدارة أوباما بعد حرب إسرائيل على قطاع غزة في نهاية 2008 وبداية 2009 تظهر ان السفيرة سوزان رايس دافعت عن إسرائيل بحماسة تفوق ما رأينا من الليكودي جون بولتون، ممثل إدارة جورج بوش الابن التي قتلت مليون عربي ومسلم في العراق وغيره. التسريبات تستحق ان تترجم حرفياً وتنشر في كتاب، ليرى العالم كيف حاولت سفيرة إدارة أوباما عرقلة كل محاولة للتحقيق في جرائم إسرائيل والضغط على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وكل هيئة دولية أو محقق سعى للوصول الى الحقيقة، وكيف تواطأت مع المسؤولين الإسرائيليين ونسقت معهم، وقبلت ان تجتمع مع الدجال داني ايالون، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، وتنسق معه، ومع المتطرف أفيغدور ليبرمان، حارس المواخير القادم من مولدافا، وهو يرفض أي سلام تزعم إدارة أوباما انها تسعى اليه، ولعلها تقرأ يوماً حملات الليكوديين الأميركيين عليها لتدرك عبث التعامل معهم. نعرف الآن ان القاضي ريتشارد غولدستون الذي حمل التقرير اسمه تراجع عن نتائج التقرير الذي وقعه بنفسه، وأقول انه هزم في حرب نفسية شرسة شنّها عليه الإرهابيون الإسرائيليون وأنصارهم، فقد أصبح منبوذاً بعد التقرير، يعتبر يهودياً يكره اليهود، وعمره 72 سنة ولا نصير له. السبب الذي سجله غولدستون في مقال نشرته «واشنطن بوست» يدينه شخصياً، ولا يلغي شيئاً من حكم التقرير على إسرائيل (وحماس)، فهو قال انه استند في تراجعه الى تحقيق الجيش الإسرائيلي (أي المجرم المتهم) في 400 حادث خلال حرب غزة وتبرئة هذا الجيش نفسه من ارتكاب جرائم ضد المدنيين. بكلام آخر، غولدستون قاضٍ طلب من متهم في قفص أمامه أن يحقق في جرائم متهم بها، ثم قبل تقرير المتهم. المفوضون الثلاثة الذين كتبوا التقرير حسموا الموضوع، فهم كتبوا مقالاً في «الغارديان» قالوا فيه بوضوح يلغي أي جدل: نتفق في وجهة نظرنا على انه لا يوجد تبرير لأي طلب أو أي توقّع لإعادة النظر في التقرير، لأنه لم يبرز أي شيء له قيمة يمكن أن يغير في شكل من الأشكال محتوى أو نتائج التقرير بالنسبة الى أي من الفرقاء في النزاع في غزة...». بكلام آخر، التقرير لم «يختفِ» كما أعلنت رايس ان هذه رغبتها، وإنما عاد الى دائرة الضوء ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوصي بعرضه على الجمعية العامة، ثم نقله الى مجلس الأمن طلباً لتوصية بتحويله الى محكمة جرائم الحرب الدولية. إسرائيل جريمة ارتكبت بحق الفلسطينيين من أول يوم لقيامها وحتى اليوم، والدول الغربية التي تؤيدها شريكة لها في الجريمة المستمرة كل يوم، حتى انني اكتب في أيام عيد الفصح، وإسرائيل تمنع الفلسطينيين المسيحيين من الوصول الى أماكنهم المقدسة في القدس، ولا تفعل شيئاً لمساعدتهم دول غربية يفترض أنها مسيحية، فكل مسيحي من حول العالم يستطيع أن يزور القدس، شرط ألاّ يكون مسيحياً فلسطينياً من خارج المدينة. أما وقد أبديت رأيي في إسرائيل والدول الغربية التي تسهل لها ارتكاب الجرائم، فإنني أكمل بالفلسطينيين أنفسهم، وأقول إن قراراً من الجمعية العامة للأمم المتحدة سيكون حبراً على ورق إذا بقوا منقسمين بين الضفة والقطاع، وقياداتهم يقاتل بعضها بعضاً بحماسة لا نجدها في التصدي لإسرائيل. قرار الجمعية العامة قد يكون بداية الطريق إذا استطاعوا في الأشهر القليلة المقبلة التي تسبقه أن يوحدوا صفوفهم، أما إذا بقوا منقسمين فهم يثبتون للعالم، بمن فيه من عرب ومسلمين، انهم لا يستحقون الاستقلال في دولة. [email protected]