تخلى عنهم الجميع، فهربوا إلى منزل قديم آيل للسقوط، مظلم ومخيف، لا يحميهم من برد الشتاء ولا من حرارة القيظ، تنعدم فيه الأبواب والفرش والأسرة، وتشاركهم فيه الحيوانات والحشرات. بالنسبة لهم هو أفضل من المبيت في الشارع، حتى لو كان يهدد حياتهم، المهم بالنسبة لوالدتهم أنه يجمعها بأبنائها، فهي تعيش لهم وتدعو الله أن لا تموت إلا وهي مطمئنة على مستقبلهم. هذا الواقع المؤلم تعيشه المسنة راية يحيى محمد (53 عاماً) وأبناؤها التسعة، بعد أن طلقها زوجها. تقول: «طلقني زوجي منذ نحو خمسة أعوام، ولجأت بأبنائي الثمانية وابنتي إلى هذا المنزل الخرب». لافتة إلى أن جميع أبنائها عاطلون، لأنهم يفتقدون إلى المؤهل الدراسي المناسب، فقد عاشوا معاناة كبيرة منذ صغرهم، خصوصاً من الناحية المادية. وتتابع راية: «أعيش في قلق دائم، وكثيرة هي الأشياء التي تقلقني، خوفي على أبنائي مما ينتظرهم والخوف من التشرد، أما ما يحرمني لذة النوم فهو الخوف من سقوط هذا المنزل المتواضع، وأتخيل يومياً وضعي ووضع أبنائي لو سقط علينا»، مؤكدة أنها تعلم أنها تعرض نفسها وأبنائها لخطر الموت، ولكن ما باليد حيلة - كما تقول. وتستطرد: «لا أظن أن أحداً سيصدق أننا نعيش منذ ثلاثة أشهر بلا كهرباء ونعتمد على الفوانيس القديمة، فقد تراكم مبلغ الفاتورة حتى وصل إلى أكثر من خمسة آلاف ريال، مع أنني لا أصدق أننا نصل إلى هذا المبلغ الكبير»، متسائلة: «كيف أسدد هذه الفاتورة ونحن لا يوجد لدينا مصدر دخل سوى مبلغ يأتيني من الضمان الاجتماعي لا يتجاوز 850 ريالاً، بالكاد تسد جوعنا». ولا تخفي راية امتعاضها من موقف الإدارات الحكومية في المنطقة، «لم تؤدِ هذه الإدارات دورها تجاهي وتجاه من هم مثلي»، مطالبة المسؤولين بوقفة صادقة معها ومساعدتها والكشف على حالتها الاجتماعية والصحية والنفسية، ومتمنية من فاعلي الخير مساعدتها في تأمين مأوى لها ولأبنائها حتى لو كان متواضعاً.