يجوب بعض الشبان والمراهقين أرجاء محافظة الأقصر في جنوب مصر في زيّ موحد، يصدحون بألحان أوبرالية أمام المارة، بهدف «إدخال البهجة إلى نفوسهم». هكذا شكل حوالى 50 مراهقاً فريقاً لتقديم «أوبرا الشارع»، وهو مشروع موسيقي لا يتقاضى المشاركون فيه أي مال. بدأت أوبرا الشارع، وفق أحد أعضائها سامر علي (18 عاماً)، حين اتفق مع مجموعة من أصدقائه ممن تعلموا العزف على بعض الآلات الموسيقية، على الالتقاء يومياً للعزف مجاناً للمارة الموجودين في الشوارع المحيطة. يقول: «يجتمع حولنا عدد كبير من سكان الشارع والمارة، من المصريين والأجانب الذين يتوافدون إلى المحافظة للسياحة. وبعد انتهاء العزف، يحاول المارة أحياناً إعطاء نقود لنا ثمناً للعزف إلا أننا نرفض ذلك تماماً لأن المسألة بالنسبة إلينا تتعلق بتحقيق الاستمتاع للغير لا جمع المال». ويشير علي إلى أنه تعلم العزف على الكمان من شقيقه الأكبر الذي تعلم أصول الموسيقى في دار الأوبرا المصرية في القاهرة. أما عازف الهارمونيكا خالد (14 عاماً) فتحدث عن مشكلات عدة تعرض لها مع عائلته بسبب إصراره على النزول إلى الشارع وتقديم فنه بهذه الطريقة، غير أنهم رضخوا في النهاية بعدما أيقنوا أنه لا جدوى من إلحاحهم عليه. وقال: «اخترت الهارمونيكا لأن لدي معلومات كثيرة سابقة عنها تعلمتها خلال حصة التربية الموسيقية في المرحلة الإعدادية وساعدني على إتقانها بعض أصدقائي المشاركين في المشروع، وهم عازف البونجز حمدي رياض وعازف الطرمبة أحمد سلطان وعازف الطبلة الشرقية عوض خليل». ويروي عوض خليل (15 عاماً) أنه وافق على الانضمام إلى فريق أوبرا الشارع بعدما سمع إحدى مقطوعاته ولمس الإقبال الهائل على ما يقدمه أصدقاؤه، فبعدما كان رافضاً الانضمام وافق وقرر العزف على الآلة التي يتقنها جيداً. ويقول عن مشاركته: «كل ما يهمني هو إسعاد الآخرين، وأن أكون سبباً لإدخال الفرحة إلى قلوب المارة بأقل الإمكانات»، علماً أن جميع العازفين في الفريق تعلموا العزف في شكل فردي من خلال تعاملهم مع الآلات، واستماعهم إلى أنفسهم خلال العزف. وأشار خليل إلى أنه عرف بوجود أنواع عدة من الأوبرا بخلاف الأوبرا التقليدية عندما قرأ عن «أوبرا البلكونات». وقد شارك في مبادرة من هذا النوع أطلقتها مؤسسة «محطات» للفن المعاصر، مع فرقة تياترو للمسرح المستقل، وكانت بمثابة حلقة من مشروع جولات في المحافظات لمجموعة الفن «ترانزيت» التي شاءت أن تنشر البهجة في الشوارع بواسطة الفن الراقي.