شهدت قضية تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسة الأميركية تطوراً لافتاً اليوم (الجمعة) بعد اعتراف مستشار الأمن القومي السابق للرئيس دونالد ترامب مايكل فلين بالكذب على المحقيقين أثناء مثوله بعد ظهر اليوم أمام قاض في واشنطن. وكان القضاء الأميركي وجه في وقت سابق اليوم إلى مدير الاستخبارات العسكرية السابق تهمة الكذب على محققي «مكتب التحقيقات الفيدرالي». والتحقيق الواسع النطاق الذي يجريه المدعي العام روبرت مولر حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية العام 2016 والروابط المحتملة بين مقربين من ترامب وموسكو، يلقي بثقله منذ أشهر عدة على البيت الأبيض. وقال القاضي رودولف كونتريراس «أنا أقبل اعترافك بالذنب»، مضيفاً «لن يكون هناك محاكمة». وأقر فلين بأن تصرفاته كانت «خاطئة» مؤكداً أنه وافق على التعاون مع القضاء. ودُفع الجنرال السابق، الذي دعا إلى سجن المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون خلال الحملة الانتخابية، إلى الاستقالة بعد أقل من شهر على تعيينه في منصبه. وتدور أسئلة عدة حالياً في أروقة العاصمة الفيدرالية عن ماهية المعلومات التي تعهد فلين بنقلها إلى المحققين، وإلى أي حد سيذهب في محاولته الإفلات من السجن، وهل سيتهم مباشرة مقربين من ترامب أو حتى الرئيس نفسه. ووجهت إلى فلين أمس تهمة الكذب حول مضمون اتصالاته مع السفير الروسي في واشنطن في عهد الرئيس السابق باراك أوباما سيرغي كيسلياك، وخصوصاً حول موضوع العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة على روسيا. وأكد المحققون في فريق مولر في نص الاتهام الواقع في صفحتين «في 24 كانون الثاني (يناير) 2017 أقدم المتهم مايكل فلين بكامل إرادته على إصدار تصريحات وبيانات خاطئة ومزورة ووهمية». ورد البيت الأبيض اليوم على اتهام فلين وإقراره بالذنب، مؤكداً أن هذا الأمر لا يورط أي شخص آخر، كما قلل من أهمية فلين في الإدارة. وقال محامي البيت الأبيض تي كوب «لا شيء في الإقرار بالذنب أو التهم الموجهة يورط أي شخص آخر غير فلين». وبدا أنه يريد التقليل من دور فلين من خلال التأكيد أنه كان مستشاراً لمدة 25 يوماً فقط ووصفه بأنه من «إدارة أوباما السابقة»، في حين أنه كان أحد أوائل الذين دعموا ترشيح ترامب. ولطالما نفى الرئيس الأميركي وجود أي تواطوء مع روسيا في الحملة الانتخابية، وندد بحملة ضده دبرها هؤلاء الذين يرفضون قبول فوزه بالرئاسة. ويحاول الرئيس الأميركي بدعم من نواب جمهوريين عدة وبعض أوساط المحافظين تحويل القضية من منحاها القضائي إلى السياسي. وحاول لكن من دون جدوى حتى الآن التصويب على الديموقراطيين وكلينتون. والجنرال فلين هو رابع شخص من الأوساط المقربة من الرئيس الأميركي، الذي يتهمه المدعي العام روبرت مولر بعد بول مانافورت المدير السابق لحملة ترامب. وكان الجنرال السابق مستشاراً للرئيس ترامب وليس عضواً في الإدارة الأميركية حين حصلت الوقائع التي يتهم بها. وأصبح لاحقاً ولبضعة أسابيع فقط مستشار الأمن القومي للرئيس. وسبق أن اتهم مولر في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي اثنين من أعضاء فريق حملة ترامب هما مانافورت وريتشارد غيتس. أما الثالث جورج بابادوبولوس فأقر بذنبه بأنه كذب على محققي «مكتب التحقيقات الفيدرالي» ووافق على التعاون مع المحققين. وفلين المعروف بتسامحه مع روسيا ونهجه المتشدد إزاء التطرف، يعتبر شخصية أساسية في هذا التحقيق. يذكر أن الأسهم الأميركية في بورصة «وول ستريت» سجلت خسائر كبرى اليوم مع هذا الإعلان.