بروكسيل - رويترز - رأى محللون أن حلف شمال الأطلسي ربما لا يكون أمامه خيار سوى تصعيد عملياته العسكرية في ليبيا واستخدام مروحيات أو قذائف بحرية ضد قوات العقيد معمر القذافي لإنهاء نزيف الدم في مصراتة وكسر الجمود العسكري. والتحول إلى هجمات من ارتفاعات منخفضة بدل الغارات الحالية التي تشنها طائرات من ارتفاعات كبيرة سيكون أكثر فعالية، لكنه يزيد إلى حد كبير خطر وقوع ضحايا من قوات حلف شمال الأطلسي وينطوى على مخاطر سياسية كبيرة لزعماء غربيين. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أعلنوا الأسبوع الماضي أن العمليات العسكرية ستستمر إلى حين تنحي القذافي. ويرى دانيال كوهين من معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية، أن الزعماء الثلاثة «قيدوا أنفسهم حين وصفوا النصر بأنه يتمثل في رحيل القذافي. لا أعتقد أنه ثمة سبيل للتراجع الآن. هناك التزام سياسي بالاستمرار». ويتنامى ترجيح الحاجة إلى تصعيد الجهود العسكرية من حملة محدودة تشن غارات جوية من ارتفاعات كبيرة كلما اشتد قصف على مصراتة في ضوء تكليف الأممالمتحدة الحلف الأطلسي بحماية المدنيين. ويعتقد أن مئات لقوا حتفهم في المدينة الساحلية المحاصرة منذ سبعة أسابيع حيث تقطعت السبل بآلاف من العمالة الوافدة. ويلفت الخبير العسكري بمجلة «جينز» الدفاعية الأسبوعية تيم ريبلي إلى أن تأثير الوتيرة الحالية لعمليات الحلف على قوات القذافي محدود جداً. ويقول: «من الواضح أن تأثيرها ليس هائلاً حين يزعم حلف شمال الأطلسي أنه دمر ما يزيد على مئة مركبة فقط، إذا نظرنا إلى ما كان يمتلكه الليبيون من قبل». وأضاف: «ببساطة لا يستخدمون الطائرات بالكثافة المطلوبة. ينفذون نحو 60 غارة يومياً ويدمرون 5 أو 10 أو15 هدفاً». ويؤكد محلل شؤون الدفاع في «مركز الإصلاح الأوروبي» توماس فالاسيك أن تصعيد الجهود العسكرية قد يكون ضرورياً، على المدى القصير على الأقل، لإنهاء الهجمات ضد المدنيين والضغط من أجل حل سياسي. وقال: «إذا لم يكن حلف شمال الأطلسي يرغب بالاستمرار في هذا الوضع إلى الأبد حيث ثمة جمود عسكري فعلي بينما لم يتوقف العدوان على المدنيين، ربما يكون من الضروري أن يكثف جهوده عنها الآن». وفي وقت تبدو الحاجة إلى تكثيف الجهود واضحة، فإن إيجاد الموارد يمثل مشكلة. ففي اجتماع لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي في برلين الأسبوع الماضي، رفضت الولاياتالمتحدة وأعضاء آخرون في الحلف دعوة فرنسا وبريطانيا إلى تكثيف جهودها في الحملة الجوية. وأبدت بريطانيا والأمين العام لحلف شمال الاطلسي أندرس راسموسن تفاؤلاً في شأن توفير الحلفاء مزيداً من الطائرات في نهاية المطاف. وتتردد واشنطن في العودة إلى الاضطلاع بدور قتالي كامل كانت تراجعت عنه عقب تولي الحلف قيادة الحملة الليبية في 31 آذار (مارس) الماضي. ويقول مسؤولون فرنسيون ومحللون عسكريون إن الترسانة الأميركية من الطائرات الهجومية من طراز «ايه - 10» التي تحلق على ارتفاعات منخفضة والمروحيات من طراز «ايه سي 130» قد تساهم في كسر الجمود، لكن المسؤولين الأميركيين يقولون إنها ستتعرض إلى «خطر بالغ» من الصورايخ المحمولة على الاكتاف التي تطلقها قوات القذافي. وقد تكون المروحيات أكثر فعالية، لكنها أكثر عرضة للنيران الأرضية كما أظهرت معارك حلف شمال الأطلسي في أفغانستان. ولدى الإدارة الأميركية حساسية خاصة من سقوط ضحايا في أفريقيا بعد تجربة إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في الصومال. ويوضح كوهين أن «الصومال سببت مشاكل كثيرة لكلينتون ولا يريد أوباما ذلك. تضم إدارة اوباما كثيرين ممن خدموا في إدارة كلينتون ويتذكرون ما حدث جيداً». وتمتلك الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الاطلسي أكثر من 800 مروحية هجومية يمكن الاستعانة بها. وبوسع بريطانيا على الأقل أن تستعين بها في ليبيا من سفن برمائية، إلا أن جميع الحلفاء مترددون في تعريض قواتهم لخطر أكبر. ويلفت كوهين إلى أن «ثمة مشكلة عامة أن سبعاً فقط من الدول الأعضاء في حلف شمال الاطلسي لديها الاستعداد لضرب أهداف برية... استخدام المروحيات ينطوي على خطر أكبر لأن إسقاطها أسهل وسيثير سقوط ضحايا أو أسرى مشاكل سياسية خطيرة». ويشير ريبلي من مجلة «جينز» إلى أن الخيار الأقل مخاطرة هو استخدام السفن الحربية لحلف شمال الأطلسي لاستهداف قوات القذافي، إلا أن ذلك يتطلب عمل قوات خاصة في ليبيا لتوجيه النيران. وقال: «هذا خيار واقعي، خصوصاً حول مصراتة. فالحلف لديه ما يزيد على 20 سفينة حربية في نطاق النيران وتملك قوة النيران التي ستدمر الجيش الليبي، وستكون دقيقة مثل الغارات الجوية شرط وجود مراقبين على الأرض». ومهما كان خيار حلف شمال الأطلسي، فإنه سيجد نفسه في معارك أكثر تعقيداً ويحتمل أن تكون أطول أمداً مما كان يتوقعه. وقال فالاسيك: «أحد المتغيرات المهمة جداً التي لم يدركوها بكل بساطة، هي الفارق بين القوة العسكرية للمعارضة والوحدة السياسية للنظام». ويوضح: «اتضح أن المعارضة أضعف عسكرياً مما كانوا يعتقدون والنظام على الأرجح أقوى مما اعتقدوا. تعريف الحرب أن من الصعب التنبؤ بنتيجتها وتزخر بالمتغيرات. أحياناً تصيب وأحياناً تخطئ».